من كان ليصدق ما يحدث بأمريكا؟!

مقالات 10:45 19.07.2024

كتبت هذا المقال من مدينة ميلووكى بولاية ويسكونسن، كنت أحضر المؤتمر العام للحزب الجمهورى، حيث يتم الإعلان رسميا عن ترشيح دونالد ترامب رئيسا، وجى دى فانس، نائبا، على بطاقة الحزب الجمهورى لانتخابات 5 نوفمبر القادم. خلال أيام المؤتمر، تحدثت مع مئات المشاركين والمشاركات من مختلف الولايات الأمريكية. خرجت من هذا المؤتمر مندهشا، بل مصدوما، مما آل إليه حال الديمقراطية الأمريكية، ومما ينتظرها فى المستقبل القريب.

من كان ليصدق أنه وقبل ثلاثة أعوام ونصف العام، أن نشهد محاولة انقلاب سياسى فى الولايات المتحدة؟! ذهلت كما ذهل الشعب الأمريكى مما شاهدناه يحدث يوم 6 يناير 2021. لم يعرف التاريخ الأمريكى الممتد على مدى 250 عاما يوما واحدا بقوة وجسامة ما شهده مبنى الكابيتول، من اقتحام المئات من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب لجلسة مجلسى النواب والشيوخ المشتركة للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، والتى انتهت بفوز الرئيس الديمقراطى الجديد، آنذاك، جو بايدن.

على عكس الأزمات الخطيرة التى عرفتها أمريكا فى العقود الأخيرة، ضربت أحداث 6 يناير الديمقراطية الأمريكية فى قلبها مع رفض رئيس منتخب نتائج انتخابات خسرها، بل تمادى وأكد أنها مزورة بدون أن يقدم دليلا ملموسا على ذلك، رغم رفض عشرات المحاكم المختلفة ادعاءات الرئيس السابق ترامب. يزيد من خطورة الموضوع إيمان عشرات الملايين من أنصاره الجمهوريين حتى الآن أن الانتخابات سُرقت منه.

من كان ليصدق أن ترامب سيترشح للمرة الثالثة على التوالى؟! لقد عاد ترامب مرشحا رئاسيا للمرة الثالثة ساعيا لدخول البيت الأبيض لفترة حكم ثانية، واكتسح فى طريقه كل المرشحين الجمهوريين ممن هاجموه واعتبروه عبئا على الحزب الجمهورى، وأن هناك حاجة لطى صفحته بصورة كاملة. تحدث كل أعداء ترامب السابقين داخل المعسكر الجمهورى فى مؤتمر الحزب، وقدموا جميعهم فروض الولاء والطاعة لترامب بعدما اتهمه منافسوه الجمهوريون بالتهور والجهل والسقوط الأخلاقى وإحداث الفوضى، إلا أن الحزب أظهر وحدة نادرة خلف ترامب.

من كان ليصدق أن الأمريكيين والأمريكيات سيضطرون للاختيار بين مرشحين؛ أحدهما، من جانب، رجل مسن تخطى الثمانين ويريد أن يحكم حتى الــ86 من العمر رغم تدهور قدراته العقلية والذهنية بصورة لا يمكن توقيفها، ومن جانب آخر، مرشح مدان جنائيا بـ34 تهمة وينتظر أن يتم الحكم عليه خلال أسابيع؟!

من كان ليصدق أن العالم سيشهد مرشحا رئاسيا يسعى لقيادة أمريكا والعالم ولا يستطيع أن يُكمل جملة، ويرتبك ويخلط أسماء الرؤساء والدول، بما يسبب إحراجا كبيرا لمنظومة الحكم الأمريكية؟!

من كان ليصدق أن بايدن سيصمم على التمسك بالترشح فى حالة غريبة من العناد الجيلى، على الرغم من الأداء الكارثى له فى المناظرة الرئاسية أمام ترامب قبل نهاية الشهر الماضى؟!

على مدى الأسابيع الثلاثة الأخيرة، سعى بايدن بكل الطرق الممكنة إلى استرجاع الثقة التى فقدها بين ملايين الأمريكيين والأمريكيات ممن شاهدوا المناظرة، إلا أن جهوده لم يُكتب لها النجاح كما تُظهر استطلاعات الرأى. ثم من كان ليصدق عجز الحزب الديمقراطى عن الضغط على بايدن لينسحب من السباق حفظا لماء الوجه؟!

ومن كان ليصدق أن الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، الذى اختار بايدن نائبا له، وتسبب فى وصوله للبيت الأبيض، سيقف عاجزا رغم إيمانه باستحالة انتصاره على ترامب، ومع إدراكه حجم التدهور الذهنى الذى يضرب بايدن؟!

من كان ليصدق أن رئيسا سابقا، ومرشحا متقدما فى سباق انتخابات العام الرئاسية، يمكن أن يُغتال بطريقة بسيطة وغير مكلفة؟! كيف لشاب عشرينى من العمر يحمل بندقية قنص نصف آلية أن يصعد لأعلى مبنى لا يبعد عن منصة يتحدث منها ترامب بأقل من مائة متر، متخطيا كل الحواجز الأمنية والترتيبات المسبقة والتى تحدث بطريقة روتينية؟! نجا ترامب من الموت بمعجزة حيث تحرك للنظر إلى إحدى اللوحات أثناء خطابه، وهو ما أدى فقط أن تصيب الرصاصة جزءا من أذنه اليمنى!

من كان ليصدق أنه- وخلال ساعات- عقب إطلاق النار عليه، يصل إلى ملايين الأمريكيين والأمريكيات رسائل إلكترونية من حملة الرئيس ترامب يقول فيها «شكرا للجميع على صلواتكم أمس، فالله وحده هو الذى منع حدوث ما لا يمكن تصوره. لن نخاف، وبدلا من ذلك سنبقى متحدين فى وجه الشر. صلواتنا وحبنا للضحايا الآخرين وعائلاتهم. نصلى من أجل شفاء الجرحى، ونحمل فى قلوبنا ذكرى المواطن الذى قتل بشكل فظيع».

ثم أضاف ترامب «أنا حقا أحب بلدنا، وأحبكم جميعا، وأتطلع إلى التحدث إلى أمتنا العظيمة هذا الأسبوع من ولاية ويسكونسن. تذكروا هذا: معا سنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى». ثم أرسلت الحملة رسالة أخرى بتوقيعه جاء فيها «لن أستسلم أبدا».

من كان ليصدق أن صورة ترامب الأيقونية وهو يرفع قبضة يده اليمنى بإشارة التحدى والانتصار بينما وجهه ملطخ بالدماء وينزف من جهة أذنه اليمنى، وأفراد الخدمة السرية يسحبونه بسرعة، ستكون صورة العام وصورة حملة إعادة انتخابه؟!

 من كان ليصدق أن أغلبية ضخمة من الحزب الجمهورى ممن تحدثت خلال أيام المؤتمر تؤمن لحد اليقين أن الدولة الأمريكية العميقة، ممثلة فى أجهزة الاستخبارات ومكتب التحقيق الفيدرالى (إف. بى. أى)، هى من تقف خلف محاولة اغتيال دونالد ترامب؟!

ومن كان ليصدق أن ترامب، الملياردير ابن الملياردير، سيختار دى جى فانس، الذى يمثل النقيض لترامب فى كل شىء من نشأته المتواضعة فى عائلة مفككة ضربها الجهل والفقر والإدمان؟، ومن كان ليصدق أن يختار ترامب، إلى حد كبير، رئيس أمريكا المستقبلى، وما يعنيه ذلك من أن يكون اسم سيدة أمريكا الأولى، أوشا تشيلوكورى، التى هاجر والداها من الهند قبل أربعة عقود.

 

محمد المنشاوي 

كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن 

للتواصل مع الكاتب: [email protected] 

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار