حديث الثورة المصرية من داخل أروقة البيت الأبيض

مقالات 17:07 04.02.2022
       سمح لى عملى السابق فى أحد مراكز الأبحاث الأمريكية بواشنطن بالاقتراب من دائرة مسئولى الشرق الأوسط والملف المصرى بمجلس الأمن القومى أثناء عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما. وأستطيع الجزم بكل ثقة بأن البيت الأبيض فوجئ بالثورة المصرية عند اندلاعها فى 25 من يناير 2011.  
     لم تتبع إدارة أوباما نهجا مخططا متفقا عليه لدى اندلاع ثورات شعبية فى دول حليفة، فلم يكن هناك شىء كهذا، واتبع أوباما مبدأ الانتظار والترقب (Wait & See) قبل التسرع بإعلان موقف واضح من ثورة الشعب المصرى، تبع ذلك محاولات أمريكية للبحث عن تقليل أى أضرار نتيجة التغيير المنتظر، وتطور الموقف داخل أروقة وغرف مجلس الأمن القومى المعاون للرئيس أوباما ببطء وعلى سبيل رد الفعل على تطورات الأوضاع داخل شوارع وميادين مصر.  
     بداية فى ظل الغموض إزاء ما يجرى بمصر فى ساعات الثورة الأولى، تم تأكيد الثقة فى نظام مبارك، وامتد ذلك الموقف إلى الأيام الأولى للثورة المصرية. جاء ذلك بوضوح على لسان كل من وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون ونائب الرئيس السابق جو بايدن، عندما أشارا إلى المطالبة فقط بتبنى إصلاحات حقيقية فى مرحلة لاحقة.  
     وعملت واشنطن على ضمان عدم إسقاط النظام المصرى كله، وقبلت بل شجعت صيغة «orderly transition» (انتقال منظم للسلطة) يسمح بتولى نائب الرئيس اللواء عمر سليمان زمام الأمور فى مصر، ومنع حدوث تغيير حقيقى فى السياسات المصرية فى الملفات المهمة لواشنطن مثل العلاقات مع إسرائيل، والتعاون الأمنى والاستخباراتى، والموقف من تنظيم حماس وحزب الله والعلاقات مع إيران.   
      ورغم أن ثورة مصر ركزت جهودها بداية على القضايا الداخلية خاصة تلك المتعلقة بالحريات والحقوق الديمقراطية، ولم يكن لإسرائيل أو للصراع العربى الإسرائيلى مكانة تذكر فى نداءات المتظاهرين والمتظاهرات فى مختلف ميادين مصر، فإن إسرائيل كانت حاضرة بشدة فى مختلف مناقشات تطورات ثورة مصر فى واشنطن.  
     وبدأت واشنطن بطرح أسئلة على نفسها، منها: كيف يمكن لواشنطن أن تتعامل مع قوى إسلامية قد تمنحها الثورة الحكم؟ وكيف لها التعامل مع قيادة جديدة ربما قد تناصب إسرائيل العداء؟ وهل تستمر فى تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية لمصر، حتى لو جاء رئيس يهدد اتفاقية السلام مع إسرائيل؟  
     ومثّل وجود وفد عسكرى كبير بقيادة اللواء سامى عنان، رئيس هيئة الأركان المصرية السابق، فى واشنطن مع حدوث إرهاصات الثورة، وبقائه أياما عدة، فرصة لإدارة أوباما للتواصل مباشرة مع الجيش المصرى، وللتأكيد لقادته ضرورة عدم اللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين تحت أى ظرف. 
    وتحت ضغط المتظاهرين لم يكن أمام قيادة الجيش إلا إبلاغ الرئيس مبارك ضرورة التنحى فورا، وهو ما حدث يوم 11 فبراير.   
     أثناء الأيام الـ18 للثورة انقسم فريق إدارة أزمة مصر داخل البيت الأبيض الذى كان يبحث المستجدات لحظة بلحظة إلى فريقين، كان بينهما إضافة إلى المواقف المتعارضة فجوة جيلية واضحة. فالفريق الأصغر سنا تكوّن بصورة رئيسة من دينيس ماكدو من مواليد 1969، وهو نائب مستشار الأمن القومى قبل أن يصبح كبير موظفى البيت الأبيض، والسيدة سامنتا باور من مواليد 1970، الصحفية والأكاديمية البارزة بجامعة هارفارد، والتى عملت مستشارة لأوباما لشئون حقوق الإنسان، وسفيرة لاحقا بالأمم المتحدة ثم مسئولة عن المساعدات الخارجية فى عهد الرئيس جو بايدن، والأكاديمى البارز فى قضايا التحول الديمقراطى مايكل ماكفولن وهو من مواليد 1963، وشغل لاحقا منصب السفير فى موسكو، وأخيرا أصغرهم جميعا بن رودس من مواليد 1978، وهو خريج جامعة جورج تاون، وعمل مستشارا للشئون الدولية فى مجلس الأمن القومى، وكان أقرب المساعدين إلى قلب وعقل الرئيس أوباما.
     الفريق الأكبر سنّا كان أكثر محافظة فى تفكيره نتيجة سنوات خدمتهم الطويلة داخل أروقة الحكومة الأمريكية وتأثرهم بالتقاليد البيروقراطية المحافظة فى الشأن السياسى. وكان أبرز وجوه هذا الفريق وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون وهى من مواليد 1947، إضافة إلى وزير الدفاع روبرت جيتس وهو من مواليد 1943، والرئيس الحالى جو بايدن (كان نائبا لأوباما) والمولود عام 1942، ومستشار الأمن القومى توماس دونيلون المولود عام 1955، ودينيس روس مسئول ملف الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومى وهو من مواليد 1948.   
    ورأى فريق الشباب أن ما يحدث هو ثورة حقيقية وطالبوا بدعم رموزها، أما فريق المسنين فقد طالب بالتلكؤ، وعدم التخلى عن الحليف حسنى مبارك، إلا أن كلا الفريقين اتفقا على شىء واحد، وهو أن عملية الانتقال الديمقراطى ليست أمرا سهلا وستأخذ سنوات عدة، وسيتخللها كثير من الفوضى، وربما العنف.  
    وكان صوتا بايدن وكلينتون هما الأعلى بين أفراد فريقهما المحافظ، محذرين من أن البديل الوحيد لنظام مبارك هو حكم الإسلاميين.   
    ولم تملك واشنطن إلا مباركة ما حدث فى مصر، والتعامل مع واقع جديد، هو السيناريو الحاكم لواشنطن فى تناولها مع الملف المصرى فى العقد الأخير.   
    إن واقعية واشنطن وسعيها إلى تحقيق مصالحها يجعلانها تحتفظ بعلاقات قوية مع من يحكم مصر، فهى تعاملت مع مبارك الدكتاتور، ومع المجلس العسكرى، ثم مع الرئيس الاسبق محمد مرسى الإسلامى، ومع الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى، بطرق لم تتغير فى جوهرها.   
     واليوم تتعامل واشنطن تحت رئاسة جو بايدن بطرق لا تخدم إلا مصالحها وبصورة لا تختلف كثيرا عما حدث ويحدث منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن.  
 
محمد المنشاوي: كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن 
عن صحيفة الشروق  
 
 
       يجب الاستناد إلي Ednews (يوميات أوراسيا) في حالة استخدام المادة الإخبارية من الموقع  
 
 
سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار