من ثمار مونديال قطر 2022 السياسية - ednews.net

الاثنين، 27 مارس

(+994 50) 229-39-11

من ثمار مونديال قطر 2022 السياسية

مقالات A- A A+
       كثيرة هي الثمار التي حظي بها تنظيم قطر لنهائيات كأس العالم لكرة القدم "قطر 2022"، والتي تنوعت بين الثمار الاقتصادية والثقافية والرياضية، وفي نفس الوقت لم تغب الثمار السياسية عن المونديال، فقد كان الترويج للقضية الفلسطينية حاضراً وبقوة، باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولي، ومن خلال الفريق المغربي الذي أبهر العالم بما حققة من نتائج ووصوله إلي المربع الذهبي للبطولة، حيث كان لاعبوه وجماهيره يرفعون العلم الفلسطيني في احتفالاته عقب كل مبارة. 
      تظل المصافحة التاريخية واللقاء الذي دام نحو خمس وأربعون دقيقة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من أهم الثمار السياسية التي تحققت خلال المونديال، خاصة وأن الصور التي تم التقاطها عكست بكل وضوح حرص القيادتين المصرية والتركية علي طي صفحة الماضي، والعمل علي فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الشعبين الشقيقين اللذان تربط بينهما روابط تاريخية عريقة. 
      لقد كان لهذا اللقاء بين الرئيسين المصري والتركي أثره الواضح والسريع بين الجانبين في مختلف المجالات، ويكفي للرمزية علي تلك الآثار التي حدثت عقب هذا اللقاء، مسارعة رجال الأعمال الأتراك للتوافد علي مصر والاستثمار فيها، إما من خلال تدشين مشروعات جديدة، أو توسيع مشروعات قائمة. خاصة وأن الحالة المعنوية في عالم المال والأعمال والاقتصاد لها حساسية كبيرة بما يجري في دهاليز وكواليس السياسة. فقد قررت شركة بيكو المتخصصة في انتاج الأجهزة المنزلية إنشاء مصنع جديد لها في مدينة العاشر من رمضان، من المقرر أن يتم الانتهاء من تشييده خلال عام واحد. 
      تعمل شركة بيكو للأجهزة المنزلية، والتي تعد إحدي شركات مجموعة "كوتش القابضة" التركية، منذ فترة في مصر، ولكن قرارها بزيادة انتاج الشركة من خلال إقامة مصنع جديد، ينتج مليون ونصف المليون جهاز من الثلاجات والأفران وغسالات الأطباق، مع تخصيص 65% من انتاج المصنع للتصدير الخارجي، يشكل هذا القرار عقب لقاء الرئيسين المصري والتركي في الدوحة، إلي رمزية كبيرة تشير إلي دخول تلك العلاقات في مرحلة جديدة من الدفء والتعاون المثمر بين الجانبين في مختلف المجالات. 
     تركيا لها خبرات كبيرة في دبلوماسية كرة القدم، فقد سبق وأن بادر الرئيس التركي السابق عبدالله جول بزيارة العاصمة الأرمينية يريفان عام 2009، لمشاهدة مباراة كرة القدم بين الفريقين الوطنيين التركي والأرمني، في تصفيات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت عام 2010 في جنوب افريقيا، والتي عرفت حينها باسم "دبلوماسية كرة القدم"  وكان بذلك أول رئيس تركي يقوم بمثل هذه الخطوة منذ الجمود الذي ساد العلاقات بين البلدين منذ عام 1993، وظلت العلاقات بين البلدين منذ ذلك التاريخ باردة وجامدة قبل وقوع هذا الحدث التاريخي. 
      وقد شكلت زيارة الرئيس التركي عبد الله جول إلي أرمينيا بداية مشجعة للذهاب بعيداً من أجل التوصل إلى حل تاريخي، وقد ساعد على ذلك وجود أجواء دولية دفعت بقوة في اتجاه محادثات قامت سويسرا برعايتها على مدى عامين، وتكللت بالتوقيع على اتفاق في 10 أكتوبر 2009، وقد تضمن ذلك الاتفاق والذي حظي باهتمام كبير من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واعتبروه حدثا تاريخيا، قسمين أساسببن:   
الأول: الأسس والمبادئ لإعادة العلاقات الدبلوماسية، وما يتبع ذلك من ضرورة احترام لوحدة أراضي البلديْن والاعتراف بالحدود الدولية على الوضع الذي هي عليه حالياً.  
الثاني: يتناول التطوّرات الاقتصادية والتقنية والثقافية والتاريخية على مستوى العلاقة بين البلديْن، مع تشكيل لجنة فرعية متخصصة للبحث في مسألة اختفاء الأرمن في منطقة الأناضول عام 1915، خلال الحرب العالمية الأولي. 
       يشير اللقاء الذي جري بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان في الدوحة علي هامش افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم، إلي أن البلدين لديهما الإرادة القوية لطي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة نتيجة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، والأوضاع الأمنية الهشة في عدد من دول المنطقة، يأتي في مقدمتها سوريا، وليبيا واليمن والصومال، إضافة إلي قضية العرب والمسلمين الأولي المتمثلة في القضية الفلسطينية، والتي تشغل حيزاً كبيراً في أجندة السياسة الخارجية لكل من مصر وتركيا. هذا إلي جانب العديد من القضايا التي تهم البلدين كقضايا التنمية والإرهاب والمناخ وغيرها. 
     يربط بين الشعبين المصري والتركي ميراث كبير من العلاقات التاريخية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذا الموروث الكبير من العلاقات بين الشعبين قادر علي تخطي الصعاب والعقبات التي تحاول تعكير صفو هذه العلاقات، ولذلك فإنه خلال فترة الخلاف السياسي الذي حدث بين البلدين خلال الفترة الماضية، لم تتوقف العلاقات الشعبية بين البلدين، فقد ظلت العلاقات الاقتصادية والثقافية رابطا قويا بين البلدين خلال السنوات الماضية، إلي أن حان وقت طي صفحة الخلاف وبدء مرحلة جديدة بين البلدين، من أجل توفير الأمن والاستقرار والازدهار، ليس للبلدين وحسب، بل للمنطقة بأسرها، علي اعتبار أن مصر وتركيا تشكلان أهم ركائز السلام والتنمية في هذه المنطقة الحيوية من العالم. 
 
بقلم: أحمد عبده طرابيك 

 



عند العثور على خطأ في النص يرجى الضغط على زر Ctrl+Enter وإرساله إلينا

یجب الاستناد بالارتباط التشعبي إلى Eurasia Diary في حالة استخدام الأخبار

تابعنا على الشبكات الاجتماعية:
Twitter: @EurasiaEreb
Facebook: EurasiaArab
Telegram: @eurasia_diary


Загрузка...