الذكرى 105 لمجازر الأذربيجانيين الجماعية

مقالات 11:20 29.03.2023
تعد الأحداث التي وقعت ما بين عامي 1918- 1920، من أهم الأحداث في تاريخ أذربيجان، حيث شكلت تلك الفترة الزمنية أهم المراحل في تاريخ شعب أذربيجان، سواء ما تحقق خلالها من انجازات، أو ما وقع خلالها من أحداث مأساوية لا تخطئها ذاكرة التاريخ، ولا شك أن ذروة هذه الأحداث كانت هي إعلان استقلال جمهورية أذربيجان في 28 مايو 1918. ومن الأحداث التاريخية الهامة أيضاً التي شهدتها أذربيجان هي تحريرمدينة باكو من قبل جيش القوقاز الإسلامي في 15 سبتمبر 1918، من القوميين الأرمن، ومن ثم انتقلت الحكومة الأذربيجانية إلى عاصمة جمهوريتها باكو، حيث شرعت الحكومة في بناء دولة وطنية، واعتراف قيادة جيوش الحلفاء في جنوب القوقاز والحكومة البريطانية بالحكومة الأذربيجانية كسلطة شرعية. 
 
 
 وضعت كل هذه الأحداث أسساً قوية لإقامة أول نظام ديمقراطي في الشرق الإسلامي بأثره، وأول دولة قومية للأذربيجانيين، هي جمهورية أذربيجان الديمقراطية. ولكن قبل هذه الأحداث الهامة التي شهدها عام 1918، وقعت علي أراضى أذربيجان العديد من الأحداث الدموية، والتي ارتبطت بذكريات مأساوية فى ذاكرة شعب أذربيجان بأسره، خاصة وأن تلك الأحداث شهدت عمليات تطهير عرقى أدت لظهور مفهوم "الإبادة الجماعية للأذربيجانين" فى تاريخ شعب أذربيجان، فلا شك أن الأحداث المأساوية التي وقعت عام 1918 علي أراضي أذربيجان لها جذورها وأسبابها العميقة فى تاريخ أذربيجان منذ مئات السنين. 
       
لقد شكلت تلك الأحداث جزءاً من خطة وضعها ونفذها القومييون الأرمن ومؤيديهم وأنصارهم لإبادة القومية الأذربيجانية بهدف تقليل عدد السكان الأذربيجانيين المسلمين فى القوقاز. وقد كان الهدف من وراء خطط التطهير العرقي مصادرة أراضي السكان المحليين "الأذربيجانيين" لتحقيق أطماع إقامة دولة "أرمينيا الكبرى" المستقبلية علي مناطق واسعة من أراضى القوقاز، وبالتحديد أراضى أذربيجان. 
 
     
بدأ القوميون الأرمن منذ أوائل القرن العشرين العمل علي طرد الأذربيجانيين من ديارهم الأصلية وفق مخطط تم وضعه من قبل، وبالتالي تصفيتهم من خلال الإبادة الجماعية. حيث ارتكب الأرمن خلال عامي 1905-1906 مجازر ضد السكان الاذربيجانيين المسالمين وقتلوهم بلا هوادة وأحرقوا ودمروا المدن والقرى في باكو وكنجه وقراباغ وإيروان وناخيتشيوان وتفليس وزانجازور وقازاخ وغيرها من المناطق. دمّرت الوحدات المسلحة الأرمينية وخرّبت أكثر من 200 منطقة سكنية أذربيجانية في أقضية شوشا وزانجازور وجبرائل، وفي مقاطعتي إيروان وكنجه مما أدى إلى تشريد وتهجير عشرات الآلاف من ديارهم الأصلية. فقد قتل الأرمن أكثر من 200 ألف أذربيجاني من الأطفال والنساء والمسنون، لإفساح الطريق أمام بناء “دولة أرمينيا الكبرى” الموعودة لهم من قبل روسيا القيصرية في تلك الأراضي. واستأنف الأرمن المدعومون من قبل القيصرية إبادة الأذربيجانيين إبان سنوات الحرب العالمية الأولى. 
     
مع انهيار الإمبراطورية القيصرية الروسية عام 1917، بدأت الجماعات المسلحة الأرمينية بمرحلة جديدة من التوسع علي حساب الأراضي الأذربيجانية التاريخية. فقد استغل الأرمن  الفوضى التى جرت فى مختلف أنحاء الإمبراطورية الروسية، ووصول البلاشفة إلى السلطة في مدينة باكو بقيادة ستيبان شوميان الأرمنى، وعمل القوميون الأرمن علي تنفيذ مخططاتهم لإقامة "دولتهم" الأرمينية المستقبلية في المناطق الأذربيجانية على أشلاء ضحايا الأذربيجانيين أصحاب الأرض الأصليين، الذين سبق وأن قدموا للأرمن المأوى والمسكن والمساعدات الإنسانية. 
 
     
قامت الجماعات المسلحة الأرمينية في بداية شهر مارس 1918، بطرد السكان الأذربيجانيين المسالمين بالقوة تارة، وبالترهيب والترويع تارة أخري من مقاطعات جنوب غرب القوقاز "قارص، يريفان، زانجازور، غويشاي"، ومن عدة ولايات أخري في مقاطعة يليزافيتبول "كنجه" ومن قراباغ، حيث تمكن القوميون الأرمن من طرد جميع السكان الأذربيجانيين من أراضي الدولة الأرمينية التى لم تكن قائمة حين ذاك، مستخدمين أشد أنواع التنكيل وارتكاب أفظع المذابح الجماعية، وخلال الفترة من مارس إلي يوليو 1918، قام الأرمن البلاشفة بارتكاب أعمال عنف علي نطاق واسع بهدف ترهيب السكان الأذربيجانيين المسالمين فى جميع أنحاء أذربيجان، حيث قتلوا خلال ستة شهور أكثر من 50 ألف من المدنيين الأبرياء بقسوة ووحشية بما فيهم المسنيين والنساء والأطفال، وفي كثير من الحالات تم احراق المنازل والمساجد بمن فيها من الأهالى المسلمين. ونتيجة لتلك الأعمال الوحشية نزح عشرات الآلاف من الأذربيجانيين من أوطانهم الأصلية، الأمر الذي تسبب في كارثة انسانية أكبر حيث توفي الآلاف خلال عمليات النزوح بسبب انتشار المجاعات والأمراض  والأوبئة. 
 
     
تذكر الوثائق التاريخية أن أكثر من ألف قرية، ومئات الآلاف من البيوت والمزارع، ومئات الآثار المعمارية الإسلامية والمساجد والمبانى الدينية الأخرى، والآلاف من المنشآت الثقافية والتجارية تم تدميرها واحراقها، وقدرت الأضرار التي لحقت بالسكان الآذربيجانيين المسالميين بعدة مليارات من الدولارات، بالإضافة إلى ذلك، تم تدمير وحرق مئات المناطق السكنية الأذربيجانية، بما فيها أكثر من 150 قرية في قراباغ وارتكبت مجازر بشعة ضد الاذربيجانيين في شوشا. واغتيل أكثر من 10 ألف أذربيجاني في قضاء زانجازور وأكثر من  18 ألف أذربيجاني في قضاء شاماخي خلال شهري مارس وأبريل 1918. 
 
       
قامت حكومة جمهورية أذربيجان الديمقراطية آنذاك بتأسيس لجنة تحقيق خاصة بالجرائم الكبرى التي ارتكبها الأرمن، كما قامت الحكومة بإعلان 31 مارس من كل عام يوم حداد وطني، وأحيث تلك الذكري الأليمة في هذا اليوم عامي 1919 و1920،  لكن سقوط جمهورية أذربيجان الشعبية لم يسمح باستمرار احياء تلك الذكري. ولمنح تقييم سياسي لأحداث الإبادة الجماعية في مواصلة القرارات التي لم تتمكن جمهورية أذربيجان الديمقراطية من تنفيذها، قرر الزعيم القومي الأذربيجاني حيدر علييف بعد 80 عاماً  فى 26 مارس 1998 بإعلان يوم 31 مارس، يوم الإبادة الجماعية للأذربيجانيين علي مستوي الدولة، احياءًا لذكرى جميع الأحداث المأساوية التي ارتكبت بحق شعب أذربيجان. 
 
     
أثبتت الوقائع والأدلة التي اكتشفت حول مجازر الاذربيجانيين الجماعية من قبل الجماعات الأرمينية المسلحة أن المقبرة الجماعية في مدينة قوبا عام 2007 دليل بارز تثبت وحشية الأرمن. واتضح من خلال الدراسات في المقبرة أن السكان المحليين قُتِلوا بصورة وحشية خاصة متعرضين لكل أساليب العنف أثناء هجوم الوحدات الأرمينية المسلحة على قوبا عام 1918، كما تشير إلي وجود آثار تعذيب علي أجسادهم، حيث تم اكشاف العديد من المقابر في مدينة قوبا، وأن الآلاف من اللزقيين والتات والأقليات القومية الأخرى قد تعرضوا للعنف والقتل الجماعى، إلى جانب الأذربيجانيين الذين قُتلوا نتيجة للإبادة الجماعية بوحشية وهمجية. و نتيجة لذلك الهجوم الأرمني المسلح، فقد قتل أكثر من 16 ألف شخص وتدمير 167 قرية في قضاء قوبا خلال الأشهر الستة الأولى من عام 1918، وأن 45 من تلك القرى تم ابادتها بالكامل ولم يعد يوجد لها أثر حالياً. 
 
     
وللتذكير بتلك الأحداث الدموية، وضرورة إطلاع المجتمع الدولي وشعوب العالم بأثره على الأعمال الإجرامية الوحشية التى قام بها القوميون الأرمن، وكذلك من أجل حماية الذاكرة الوطنية للأذربيجانيين لدي الأجيال القادمة، ولإدامة ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية، أصدر رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، فى 30 ديسمبر 2009 مرسوماً رئاسياً حول إنشاء  المجمّع التذكاري للإبادة الجماعية في مدينة قوبا، فى جمهورية أذربيجان. 
 
 
 
 
سيد عبد الله جباروف
مدير القسم العربى فى المجمع التذكارى للإبادة الجماعية 
مدينة قوبا الآذربيجانية 
 
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب

أحدث الأخبار

أسرار استهداف إيران لأذربيجان
17:16 19.04.2024
في يومها الأخير جلسات الاستماع في الدعوي الارمينية ضد أذربيجان
16:00 19.04.2024
كواليس انسحاب قوات حفظ السلام الروسية من قراباغ
15:00 19.04.2024
زرادشت علي زاده : الولايات المتحدة لا تريد أن يتم فتح طريق زانجيزور في ظل هذه الظروف
14:00 19.04.2024
ما تأثير انسحاب قوات حفظ السلام من قراباغ؟
13:00 19.04.2024
اشتباكات بين الدفاع الجوي الإيراني وطائرات إسرائيلية بطهران
12:00 19.04.2024
جوتيريش العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح ستفاقم الأوضاع الإنسانية
11:45 19.04.2024
صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبقى النمو في الشرق الأوسط مكبوحاً
11:30 19.04.2024
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة وورلد برس فوتو لعام 2024
11:15 19.04.2024
فيضانات نيجيريا تزيد من نقص محصول الكاكاو
11:00 19.04.2024
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
10:45 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
10:30 19.04.2024
اليونيسف طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة
10:15 19.04.2024
الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
10:00 19.04.2024
المياه تغمر نحو 18 ألف منزل في روسيا بسبب الفيضانات العارمة
09:45 19.04.2024
الحرس الثوري الإيراني يعلن تحديد مواقع المنشآت النووية الإسرائيلية ويحذر تل أبيب
09:30 19.04.2024
أجندة واسعة لزيارة إردوغان للعراق
09:15 19.04.2024
السفير الأمريكي في أذربيجان يزور أغدام
09:00 19.04.2024
بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين بسبب نشاطات تخريبية
01:00 19.04.2024
ميرزايف : هذه المحاكمة تأخرت 30 عاما
17:00 18.04.2024
علي الحوفي: من الأفضل للجميع أن يعم السلام والاستقرار في المنطقة
16:00 18.04.2024
فؤاد عباسوف: من يريد السلام مع جاره لا يحاكمه!
15:00 18.04.2024
سياسي أوكراني : انسحاب الجيش الروسي من قراباغ انتصار سياسي لأذربيجان
14:00 18.04.2024
موسكو تدعم رئاسة كازاخستان لمنظمة شنغهاى للتعاون
13:00 18.04.2024
هل كان وجود قوات حفظ السلام الروسية في قراباغ يمثل تهديدا لأذربيجان؟
12:00 18.04.2024
ميرزاييف: كنت أنتظر انسحاب قوات حفظ السلام الروسية لقراباغ بفارغ الصبر
11:30 18.04.2024
البنك الدولي يعتزم توصيل خدمة الكهرباء لـ 300 مليون أفريقي
11:15 18.04.2024
الانتقام الإيرانى كثيف وناعم ومثير
11:00 18.04.2024
اليونيسف استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
10:45 18.04.2024
تركيا تتهم نتانياهو بـدفع المنطقة إلى الحرب للبقاء في السلطة
10:30 18.04.2024
ترقب في مجلس الأمن للتصويت على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة
10:15 18.04.2024
ما مدي عدالة محكمة العدل الدولية ؟ - أومود ميرزايف يجيب
10:00 18.04.2024
الاتحاد الأوروبي يتجه لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية
09:45 18.04.2024
ملكا الأردن والبحرين يرفضان كل ما يؤدي إلى الهجمات البرية على رفح
09:30 18.04.2024
الجزائر تقدم مساهمة مالية استثنائية لوكالة الأونروا
09:17 18.04.2024
الكرملين يؤكد الانسحاب من منطقة قراباغ
09:04 18.04.2024
إيقاد شعلة أولمبياد باريس في أولمبيا القديمة
19:00 17.04.2024
أفضل 30 وجهة سفر عالمية لعام 2024
18:00 17.04.2024
سياسي أرميني يوجه نقدًا لاذعًا إلي محكمة العدل الدولية
17:00 17.04.2024
سيلين سينوكاك : فرنسا تشن حملة دبلوماسية لزعزعة الاستقرار في المنطقة
16:00 17.04.2024
جميع الأخبار