تبرز مشكلة اللاجئين كأحد الأزمات التي تواجه العالم المعاصر وخاصة في بعض مناطق النزاعات والحروب والتي شهدت نزوحا جماعياً إلى دول أخرى مما أدى لتفاقم تلك الأزمة والتي طالت منطقتنا العربية بعد أحداث الحركات الاحتجاجية التي نشأت عقب عام 2011 في عدة دول عربية منها سوريا واليمن وليبيا والسودان ومناطق أخرى، وهو أمر يعيدنا إلى التفكير الجدي في حلول لتلك الأزمة العالمية، والتي بلغت تأثيراتها الدول الأوروبية التي عانت من تدفق أعداد طالبي اللجوء على حدودها.
وبالنظر إلى القواعد الدولية التي ضمنها القانون الإنساني نجد أن المجتمع الدولي من خلال سعيه لإيجاد حلول لتلك الازمة قد سعى لحماية حقوق الإنسان علي أساس من الفرص المتساوية للجميع في الاستفادة من الآليات والإجراءات الموضوعة لضمان تمتع الجميع بتلك الحقوق بغض النظر عن الجنس والعرق والمكان أو الزمان، ومن ثم فقد تم تدشين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والذي بدأ تقنينه مع العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذين دخلا حيز النفاذ في عام 1976، وقبل ذلك صدر القانون الدولي للاجئين طبقاً لاتفاقية عام 1928، وعام 1933، واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين لعام 1951.
وقد سعت القوانين الإنسانية والدولية لتأكيد حقوق اللاجئين والتي تعني عدة أمور منها ضرورة ألا ينتج عن عملية اللجوء انتهاكا لأمن دولة الملجأ أو حقوق المواطنين فيها. كما أن اللاجئ يجب أن يعامل معاملة خاصة تتناسب مع ما يعانيه من مشاكل متعددة تشمل الناحية الاقتصادية والاجتماعية وحتى النفسية ويمكن أن تحمل جانباً سياسياً، والقصد من تلك المعاملة هو للتخفيف عليه ومعاونته من أجل أن يتم مشوار حياته بعيداً عن الاستهداف وعدم الأمان، وخاصة إذا كان مع ذويه أو عائلته. خاصة أن اللاجئ قد عاني العديد من المشكلات داخل بلده تماماً مثل الحالة السورية التي أصبح نصف سكانها تقريباً من اللاجئين في الدول المختلفة والتي رفض بعضها دخولهم وأقام بعضها مخيمات على الحدود لاستيعابهم في حين قامت دول أخرى مثل مصر بالترحيب بهم ودمجهم داخل المجتمع بكافة صوره وأشكاله.
جملة القول، إن مشكلة اللاجئين تظل قائمة طالما أن هناك فجوة شاسعة بين القواعد القانونية التي توضح مثالية المجتمع الدولي وبين التطبيقات العملية والواقعية والتي تبين مدى القسوة والألم التي يعانيها اللاجئ في أغلب دول العالم نتيجة لأزمة سياسية بدولته ربما لا يكون له أي علاقة بها اللهم إلا أنه كان مواطناً داخل تلك الدولة التي حكمت ظروفها وأوضاعها أن ينزح منها آلاف وربما ملايين ليكونوا لاجئين على أبواب دول أخرى ينتظرون الدخول أو المستقبل المجهول.
كما يقع علي المجتمع الدولي مسئولية وضع قوانين تجيز التدخل في الدول التي تشهد حروباً أهلية وتسوية تلك الحروب الداخلية من أجل الحفاظ لعي أرواح المواطنين الذين يكونون ضحايا لتلك الصراعات التي تنشاً بين بعض القوي الداخلية مثلما هو الحال في السودان حالياً، فالصراع المسلح علي السلطة يجب أن تجرمه القوانين الدولية، وتعاقب الأطراف التي تعمل علي اشعال هذه الصراعات الداخلية وازهاق أرواح المواطنين، وتشريد الملايين من مواطني الدولة، ومن ثم تفاقم مشكلة اللاجئين في العالم، فليس من المنطق أن يقتل ويشرد الملايين من المواطنين ويظل من تسبب في تلك الجرائم حراً طليقاً، بل ربما يكفأ ويتولي السلطة في بلاده.