لا شك أن قضية إزالة الألغام من الدول المختلفة التي عانت لفترات طويلة من تواجد هذه المشكلة الأمنية والمجتمعية على أراضيها لعشرات وربما مئات السنين تعد أحد المشكلات الهامة التي اقتضت التعامل الفاعل مع نزع تلك الألغام من خلال تضافر جهود المجتمع الدولي، ومن هنا فقد اختتم المؤتمر الدولي الثاني حول "محاربة تهديد الألغام- السبيل إلى التنمية المستدامة" في باكو، وذلك بالخروج باعتماد الإعلان الذي يدعو المجتمع الدولي إلى دعم جهود أذربيجان الإنسانية للأعمال المتعلقة بإزالة الألغام.
وبالنظر إلى تلك القضية الهامة، نجد أن قرابة الستين دولة على وجه الكرة الأرضية لا تزال تواجه تلك الأزمة نتيجة وجود الآف الألغام والمتفجرات من مخلفات الحروب المختلفة التي عانت منها تلك الدول منذ عقود، وهو ما شكل تهديداً أمنياً وهاجساً مجتمعياً داخل تلك الدول خاصة في ظل احتمالية تفجير تلك الألغام في أي وقت مما ينتج عنه خسائر في الأرواح والممتلكات وكلها أمور تمثل عوائق في سبيل تحقيق التنمية المستدامة 2030 على المستوى العالمي.
وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أن وجود تلك الألغام في عشرات الدول يمثل عائقاً كبيراً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة خاصة أن الميثاق العالمي للمنظمة الأممية يؤكد على تحقيق السلم والامن الدولي وفي القلب منه الأمن الإنساني والذي لا يمكن تحقيقه في ظل وجود هذا التهديد المباشر للمجتمعات الإنسانية، كما أن الجانب الخاص بالقانون الدولي الإنساني قد دشن العديد من الاتفاقيات التي تؤطر لحظر استخدام الألغام الأرضية والذخائر العنقودية والمتفجرات من مخلفات الحرب، مع تشجيع الجميع على اتخاذ خطوات نحو التقيد الرسمي بهذه الصكوك، بما في ذلك اتفاقية حظر الاستخدام، وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام وفق "اتفاقية أوتاوا"، واتفاقية الذخائر العنقودية المعروفة باسم "اتفاقية أوسلو".
وفي ضوء ما سبق يمكن الإشارة إلى أهمية التعاون الدولي في مجال إزالة الألغام خاصة أن الأمر يتطلب العديد من الجهود خاصة في مجال إيجاد خرائط تفصيلية بأماكن تلك الألغام وأهمية استخدام تطبيقات التكنولوجيا الحديثة للتنقيب عن تلك الألغام والمتفجرات من خلال المسح الشامل بالتقنيات الضوئية الحديثة مع استخدام بعض المواقع الكونية الإلكترونية مثل خرائط جوجل وغيرها من أجل العمل على تلك المناطق والتنسيق الدولي لنزع تلك المتفجرات بقدر كبير من الأمان للحفاظ على المجتمعات البشرية المختلفة.
خلاصة القول، إن قضية المتفجرات والألغام لا تزال تؤرق الأمن الإنساني وتمثل عائقاً كبيراً في سبيل تحقيق التنمية المستدامة 2030 وذلك من خلال بروز حركة عالمية جديدة من أجل عالم خالٍ من الألغام، مع أهمية إلتزام الدول الكبرى في النظام العالمي بتقديم الدعم اللازم لتلك المجتمعات التي عانت من وجود تلك الألغام وهو ما يستوجب الإشادة بحكومة ورئاسة جمهورية أذربيجان التي أتاحت فرصا لإعادة التفكير في تلك القضية الهامة من أجل سيادة السلام والاستقرار للمجتمعات البشرية.
أميرة عبد الحكيم
باحثة في شئون المرأة والطفل