تحل ذكرى الشراكة الإستراتيجية بين مصر وايطاليا، تلك العلاقات التي تمتد عبر التاريخ منذ قرون طويلة لتؤكد فعالية تلك العلاقات والتي تطورت مع دخول مصر نطاق الدولة الرومانية، وبقيت مصر جزءًا من الإمبراطورية الرومانية حتى الفتح الإسلامي سنة 20 هجرية. وكانت العملة الرومانية في ذلك الوقت المعروفة بـ الدينار الروماني معمولاً به حتى بدأ المسلمون صك العُملة الخاصة بهم في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان الذي أمر بصناعة العملة الذهبية عام 74 هجرية. وقد استمرت العلاقات بين الدولتين عبر التاريخ لتشهد على التفاعلات الإيجابية بين الدولتين والتي شهدت نموا مطردا خاصة خلال العقد الاخير.
وهنا تبدو أن هناك العديد من القضايا السياسية التي يتفق عليها الطرفان من خلال تفعيل الرؤى المشتركة خاصة من خلال بعض الإتجاهات التفاعلية مثل التعاون المشترك بين الدولتين حيال قضية الهجرة غير الشرعية والتي تعد الدولتان سواء مصر باعتبارها دولة عبور وايطاليا باعتبارها دولة وصول مع الدول الساحلية المتوسطية الاخرى والتي يجمعها البحر المتوسط ومن هنا جاءت مشروعات التعاون المشترك لإيجاد حلول، الى جانب القضايا الاخرى التي تتوافق فيها وجهات نظر البلدين مثل الاوضاع في القارة الافريقية، وخاصة منطقة القرن الإفريقي والصومال، بشأن سبل دعم التنمية وفقا لأجندة القارة الإفريقية للتنمية وكذلك مكافحة الإرهاب في دول القارة خصوصا في ظل نجاح التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب.
وعلى الجانب الإقتصادي تتميز العلاقات بين الطرفين بالفعالية في مجال التبادل التجاري حيث تؤكد احصائيات الهيئة العامة للإستعلامات أن الدولة الإيطالية تعد ثالث سوق للصادرات المصرية بحصة سوقية بلغت 6.6 في المائة، فيما كانت إيطاليا المورد العاشر لمصر، بحصة 3.4%، في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022. كما بلغت معدلات التجارة البينية بين الدولتين 5.03 مليار يورو خلال العام 2022. وفي الغطار ذاته وفيما يتعلق بمعدلات الإستثمار بين الدولتين فتعد إيطاليا من أكبر الدول المستثمرة بالسوق المصرية بإجمالي استثمارات بلغت في أبريل 2022 نحو مليار و707 ملايين يورو وذلك في عدة مجالات حيوية في السوق المصري مثل القطاعات الصناعية، والزراعية، والسياحية، والخدمات، والإنشاءات، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية.
ولا يمكن في هذا الجانب إغفال الجانب السياحي، حيث يوجد جاليات سياحية عديدة تأتي الى المدن السياحية بمصر سواء السياحة الشاطئية في بعض المدن مثل شرم الشيخ والغردقة وغيرها أو السياحة الأثرية لبعض المدن مثل القاهرة والأقصر وأسوان، وهنا يمكن الإشادة بدور الجالية المصرية الكبيرة في ايطاليا والتي تعد خير سفير للدولة المصرية داخل الدولة الإيطالية.
جملة القول، إن العلاقات المصرية الإيطالية تعد من العلاقات الإستراتيجية بين دولتين لهما تاريخ ممتد عبر الزمن وحاضر لا يمكن تجاهل فعاليته وانجازاته وكذلك مستقبل واعد في سبيل تنسيق المواقف السياسية المشتركة وكذلك تفعيل الجوانب الإقتصادية ممثلة في معدلات التجارة والإستثمار لتؤكد فعالية وأهمية تلك العلاقات حاضرا ومستقبلا.
أميرة عبد الحكيم
كاتبة وباحثة