كيف اتُخذ قرار ضرب هيروشيما وناجازاكى بالقنابل الذرية؟

مقالات 16:23 04.08.2023
يظل استخدام أمريكا للقنابل الذرية لمهاجمة مدينتى هيروشيما وناجازاكى اليابانيتين فى أغسطس 1945 عند نهاية الحرب العالمية الثانية أكثر القرارات إثارة للجدل فى التاريخ الأمريكى.
 
وجدد عرض فيلم أوبنهايمر الجدل حول هذا الحدث التاريخى المفصلى، والذى لم تحسم الخلافات حوله على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أرباع القرن على ذلك القرار.
 
وقد نتج عن ضرب هيروشيما يوم 6 أغسطس قتل 80 ألف شخص على الفور، و140 ألفا لاحقا (نصف سكان المدينة) وتدمير نصف مبانيها. وبعد ثلاثة أيام، قتلت قنبلة ناجازاكى 40 ألف شخص على الفور و70 ألفا لاحقا، إضافة لتدمير أكثر من نصف مبانيها.
 
وفى أول خطاب عقب إلقاء القنبلة على هيروشيما، قال الرئيس الأمريكى هارى ترومان إنها قنبلة ذرية، إنها تسخير للقوة الأساسية للكون، القوة التى تستمد منها الشمس قوتها أطلقناها ضد أولئك الذين جلبوا الحرب إلى الشرق الأقصى. وأضاف ترومان إذا لم يقبلوا شروطنا ويستسلموا فورا، فعليهم أن يتوقعوا سيلا من الدمار يأتيهم من الجو ليس له مثيل فى هذه الأرض. ثم استسلمت اليابان دون شرط إلا الإبقاء على إمبراطورها ومكانته بين اليابانيين، وهو ما كان.
 
عندما توفى الرئيس فرانكلين روزفلت فى 12 أبريل 1945، أصبح نائبه هارى ترومان رئيسا. ولم يشرك روزفلت نائبه فى المناقشات السرية حول القنبلة الذرية. وبعد أسبوعين من تولى ترومان الرئاسة، تم اطلاعه بشكل كامل على المشروع السرى لإنتاج القنبلة الذرية فى صحراء ولاية نيومكسيكو.
 
لم تكن القنبلة جاهزة للاختبار قبل استسلام ألمانيا دون قيد أو شرط فى 7 مايو 1945 ومع استمرار الحرب ضد اليابان فى شرق المحيط الهادئ، أذن ترومان للجنة مؤقتة من مدنيين وعسكريين بتقديم توصيات بشأن استخدامها. وقررت اللجنة التأكيد على السياسة القديمة المتمثلة فى استخدام القنبلة الذرية عندما تكون جاهزة.
 
كما أوصت اللجنة بعدم إعطاء اليابانيين أى تحذير أو إلقاء القنبلة على منطقة غير مأهولة، إذ أراد أعضاء اللجنة ضمان مفاجأة كاملة الصدمة للحكومة والشعب اليابانى، بما يعجل من الاستسلام بسرعة. بالإضافة إلى ذلك، خلصت اللجنة إلى أن استخدام القنبلة الذرية لإنهاء الحرب سيجعل الاتحاد السوفيتى أكثر قابلية للتعاون فى عالم ما بعد الحرب.
 
بعد اطلاعه على توصيات اللجنة، التقى ترومان بكبار مستشاريه العسكريين فى 11 يونيو. ونظرا لأن أمريكا لم تختبر القنبلة بعد فى ذلك الوقت، فقد مضت هذه المجموعة قدما فى خطط غزو اليابان بريا. أراد ترومان معرفة عدد الضحايا المتوقعين (القتلى والجرحى والمفقودين)، وتباينت تقديرات الخسائر الأمريكية فى الغزو المتوقع، لكنها كانت تتراوح حول 200 ألف ضحية منهم 50 ألف قتيل.
 
 وبصفة عامة، يعتقد مؤيدو استخدام القنابل الذرية أنها منعت غزو الأراضى اليابانية، وأنقذت أرواحا أكثر من أعداد ضحايا القنابل الذرية. بينما يؤكد المعارضون أن القنابل الذرية لم تكن ضرورية لكسب الحرب، وأنها شكلت جريمة حرب، وجريمة إبادة جماعية. ويرى الفريق المؤيد لاستخدام القنابل الذرية أن قليلا من الأعمال فى الحرب لها ما يبررها أخلاقيا، وأن كل ما يمكن أن يأمله متخذ القرار فى حساباته هو ما إذا كان قراره من المرجح أن يقلل من الخسائر فى الأرواح.
 
وفى مواجهة الرفض اليابانى للاستسلام، لم يكن أمام الرئيس ترومان خيار آخر. واستند قرار ترومان بشكل أساسى إلى تقديرات أكدت أن الجيش الإمبراطورى اليابانى لم يفكر أبدا فى الاستسلام، بعدما تبنى إستراتيجية القتال حتى الموت منذ بداية الحرب. وكان من المقرر تعبئة جميع المدنيين وإجبارهم على القتال، وتشير الوثائق اليابانية إلى أن جيشها كان مستعدا لقبول ما يصل إلى 28 مليون قتيل بين المدنيين والعسكريين.
 
على النقيض، يرفض فريق آخر كذلك قرار إسقاط القنابل الذرية على هيروشيما ومن بعدها ناجازاكى، حيث يعتبر أن اليابان قد انتهت عسكريا خاصة مع إعلان الاتحاد السوفيتى الحرب على اليابان يوم 8 أغسطس، وغزوه لمنشوريا. وكان من شأن المزيد من الحصار والقصف التقليدى أن يؤدى إلى الاستسلام فى أغسطس أو سبتمبر على أبعد تقدير، دون الحاجة إلى الغزو المتوقع المكلف أو القنبلة الذرية. أما بالنسبة للقنبلة الثانية على ناجازاكى، فقد كانت غير ضرورية مثل القنبلة الأولى. واعتبر أنه ضرورى، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها كانت تصميما مختلفا، وكان الجيش (والعديد من العلماء المدنيين) حريصين على معرفة ما إذا كان كلاهما يعمل بنفس الطريقة. بعبارة أخرى، كانت هناك ضرورة علمية لتجربة هذه التكنولوجيا.
 
فى الأيام الأولى التى أعقبت استسلام اليابان، أيد الشعب الأمريكى بأغلبية ساحقة استخدام القنابل الذرية لضرب هيروشيما وناجازاكى. وجد استطلاع للرأى أجرته مؤسسة جالوب فى نهاية أغسطس 1945 أن 85% من الأمريكيين يؤيدون القرار، فى حين عارضه 10%، و5% ليس لديهم رأى.
 
انخفض هذا الدعم الأولى مع ورود تقارير صحفية مفصلة حول حجم الدمار الذى لحق باليابان، وعلى مدى السنوات التالية للتفجيرات، ومع نمو شبح الحرب النووية فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين، زاد حجم ونطاق معارضة اللجوء للسلاح الذرى. وفى عام 2015، وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 56% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن القنابل الذرية كانت مبررة.
 
وبإسقاط القنابل الذرية على هيروشيما وناجازاكى، أشارت الولايات المتحدة إلى العالم بأنها تعتبر الأسلحة النووية أسلحة حرب مشروعة، وقد عجل ذلك الاستخدام بسباق التسلح النووى الذى تخشى البشرية من تبعاته ومخاطره، إلا أنه منع استخدام هذه الأسلحة منذ ذلك الحين.
 
محمد المنشاوي 
كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن 
للتواصل مع الكاتب: [email protected] 
 

أحدث الأخبار

الموت يفجع شمس البارودي
18:00 06.12.2023
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ بمنطقة إيلات
17:30 06.12.2023
عائلات رهائن إسرائيليين تطالب باستئناف المفاوضات للإفراج عن أولادها
17:00 06.12.2023
تركيا ترفض "المنطقة العازلة" في غزة
16:26 06.12.2023
ميرزاييف: مؤسسة أوراسيا الدولية للصحافة طرحت العديد من مبادرات أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة
14:39 06.12.2023
علييف: أذربيجان نجحت في إحلال السلام في المنطقة
13:26 06.12.2023
كيف تناولت الدراما العربية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
كيف تناولت الدراما العربية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
13:00 06.12.2023
علييف: كان هناك الكثير من الأرمن في قراباغ الذين لم يراعوا مبادئ القانون الدولي
11:59 06.12.2023
نتنياهو لا يرفض قطعياً صفقة تُفرغ سجونه من الفلسطينيين
11:09 06.12.2023
تدهور العلاقات بين إسرائيل والمنظمات الأممية
10:42 06.12.2023
تحذير خليجي- تركي من تمدد الحرب في غزة إلى صراع إقليمي
10:30 06.12.2023
مبادرة عربية لنشر الإرث التاريخي والثقافي لفلسطين في المكتبات الصينية
10:00 06.12.2023
السعودية تخفض أسعار تصدير النفط إلى آسيا
09:35 06.12.2023
أحزاب المعارضة التركية ترفض العودة للتحالفات في الانتخابات المحلية
09:20 06.12.2023
ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلي 16 ألف
09:00 06.12.2023
طرح الإعلان الترويجي الأول للعبة GTA 6
18:00 05.12.2023
الصحة العالمية : أنفلونزا الطيور تتفشى في 4 دول أوروبية
17:00 05.12.2023
إصابة عدد من الإسرائيلين إثر قصف صاروخى استهدف عسقلان
16:36 05.12.2023
أردوغان: نتانياهو يخاطر بمستقبل المنطقة بأسرها
16:00 05.12.2023
الرئيس الإيراني يزور روسيا
14:45 05.12.2023
انطلاق أعمال الجلسة الإفتاحية للقمة الخليجية الـ44 - مباشر
13:51 05.12.2023
موريتانيا... سجن الرئيس السابق 5 سنوات بتهمة غسل الأموال
13:26 05.12.2023
إسرائيل تكشف عدد الرهائن في غزة
13:00 05.12.2023
واشنطن: لا نتوقع قصف المناطق الآمنة في غزة
12:22 05.12.2023
رئيس الإمارات وملك المغرب يؤكدان ضرورة التحرك الدولي لوقف إطلاق النار في غزة
12:00 05.12.2023
تحذير من فوضى في قطاع الطاقة نتيجة دعوات التخلي عن النفط
11:30 05.12.2023
بوتين يزور السعودية والإمارات لمحادثات بالغة الأهمية
11:00 05.12.2023
النيجر تنهي الشراكات الأمنية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي
النيجر تنهي الشراكات الأمنية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي
10:00 05.12.2023
الحوثيون يتبنون هجوماً جديداً على سفينتين إسرائيليتين
09:19 05.12.2023
130 مواطنا تركيا يعبرون مع ذويهم من غزة إلى مصر
09:00 05.12.2023
رسميا.. إطلاق «زووم» على منصة Apple TV
18:00 04.12.2023
بوريل يحث إيران على استخدام «تأثيرها» لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط
17:00 04.12.2023
وزير الدفاع المصري: القضية الفلسطينية تواجه منحنى شديد الخطورة
16:40 04.12.2023
أردوغان: نتانياهو سيُحاكم كمجرم حرب
16:22 04.12.2023
وول ستريت جورنال: هجمات الحوثيين تثبت فشل إدارة بايدن
16:00 04.12.2023
تورال إسماعيلوف: أرمينيا لا تزال متمسكة بسياسة "الإحتلال"
15:37 04.12.2023
إسرائيل تستأنف محاكمة نتانياهو
13:20 04.12.2023
أوزبكستان واحدة من أهم مواقع السياحة الدينية في العالم
أوزبكستان واحدة من أهم مواقع السياحة الدينية في العالم
12:30 04.12.2023
من ليبيا إلى قراباغ.. الطائرات المسيرة تغير شكل الحروب في العالم
11:12 04.12.2023
قروض الصين للدول النامية ـ استثمار اقتصادي أم ديون معدومة؟
11:00 04.12.2023
جميع الأخبار