مع تطور التقنيات الحديثة بدأت تظهر العديد من المصطلحات التي تعد حديثة على المجتمعات العربية، ومنها مصطلح "الذكاء الإصطناعي" وتطبيقاته المتعددة والتي بدأ البعض يخشى من آثارها السلبية على كافة مناحي الحياة، وذلك نظراً لإزدياد الجرائم المتعلقة بالذكاء الإصطناعي مما دفع بالدول االمختلفة الى تدشين تشريعات جنائية خاصة لمكافحة جرائم الذكاء الإصطناعي التي تعتبر ظاهرة مستحدثة علي علم الإجرام ومن هذه الدول، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وباقى دول الاتحاد الأوروبي الذي وضع اتفاقية حول جرائم الحاسب الآلي عام 2001، والتي أوصت فيها الدول الأعضاء باتخاذ كافة الإجراءات التشريعية أو غيرها حسب الضرورة لجعل الدخول إلى جميع نظم الحاسب الآلي أو أي من أجزائه بدون وجه حق جريمة جنائية بحسب القانون المحلي.
وهكذا وجد العالم نفسه في قرية صغيرة، وأصبحت قرية المعلومات هذه محط أنظار المتعاملين مع تلك التقنيات الحديثة، وبدأ الذكاء الإصطناعي يفرز أثاراً شاملة على البنية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والثقافية، والقانونية للدول، ذلك أن كل إختراع علمي لابد أن يفتح آفاقا جديدة ويحدث آثاراً سواء بالإيجاب أو السلب على كافة أبناء المجتمعات المختلفة.
ولعله من نافلة القول أن جرائم الذكاء الإصطناعي، هى ظاهرة إجرامية جديدة ومستجدة علي العالم تقرع في جنباتها أجراس الخطر لتنبه مجتمعات العصر الراهن إلي حجم المخاطر ومقدار الخسائر الناجمة عن جريمة الذكاء الإصطتاعي التي تستهدف الاعتداء على المعطيات بدلالتها التقنية الواسعة "بيانات ومعلومات وبرامج بكافة أنواعها). فجريمة الذكاء الإصطتاعي جريمة تقنية تنشأ في الخفاء، يتم توجيهها للنيل من الحق في المعلومات، وتطال اعتداءاتها معطيات الحاسب المخزنة والمعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات.
وتتعدد أنماط الجريمة في مجال الذكاء الإصطتاعي، والتي يمكن تصنيفها إلى عدد من المحاور والتي تشكل جميعها انتهاكاً صارخاً يستحق العقاب، فمن بين تلك الجرائم تبرز جريمة الإختراق وانتحال الهوية عبر الذكاء الإصطناعي، فمن الممكن اختراق أو انتحال الهوية إما مادياً أو إلكترونياً. فالإختراق المادي يسمح بالدخول في مناطق خاضعة للسيطرة عن طريق بوابات إلكترونية أو آلية. ومن ثم يتم الإطلاع على المعلومات والمقصود بذلك مطالعة المعلومات التي تظهر على شاشة الحاسب الآلي عبر انتحال شخصية موجودة بالفعل سواء كانت تلك الشخصية سياسية او اجتماعية أو فنية وغيرها.
كما تبرز جريمة العدوان على الإئتمان الرقمي عبر الذكاء الإصطناعي، ذلك أنه مع تطور التقنيات العالية في ظل ثورة الذكاء الإصطناعي نشط الإئتمان عبر المؤسسات المالية والنقدية، والتجارة الإلكترونية على وجه التحديد. خاصة إذا علمنا أن التعامل بالإئتمان عبر الإنترنت له سوابق تاريخية سلبية عديدة. إذ يكفي أن يتم سرقة الإسم ورقم بطاقة الائتمان الخاصة حتى يتم تنفيذ معاملات مصرفية متعددة عبر الذكاء الإصطناعي وكلها أمور جعلت العالم يقف أمام تلك الجرائم الأخلاقية مطالبين بضرورة وضع استراتيجية لمواجهة عدو مجهول قام الإنسان باختراعه وابتكاره ثم عاني من سلبياته.
جملة القول، إن الذكاء الإصطناعي ثورة تقنية مستقبلية، شأنها في ذلك شان كل الابتكارات الحديثة التي طرأت علي العالم خاصة خلال السنوات الأخيرة التي تتسارع خلالها وتيرة الابتكارات والاختراعات، ولذلك يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بحذر، ومحاولة الإستفادة من إيجابيته المتعددة، مع الأخذ في الإعتبار الحذر كل الحذر من الجوانب السلبية العديدة أيضاً التي يمكن استخدامه فيها، فالبيئة التقنية التي اصبحنا نعيش فيها، ولا نستغني عنها، هي في الوقت ذاته صارت تمثل خطراً أيضاً على كافة مناحي الحياة الطبيعية للإنسان.
أميرة عبد الحكيم
كاتبة وباحثة