مصر في البريكس.. مكاسب محتملة وتحديات كثيرة!

مقالات 13:00 27.08.2023

منذ أيام قليلة انتهت القمة الخامسة عشر لدول البريكس بإعلان انضمام ست دول جديدة إلى عضوية المجموعة التى تضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا باعتبارها الاقتصادات الصاعدة عالميا. هذه الدول تمثل إضافة مهمة وتغييرا كبيرا فى المجموعة فى خطوة وصفت بالمثيرة للاهتمام كون أن العضويات الجديدة يتجاوز عددها العضويات القائمة بالفعل، ولأن هذه العضويات أيضا جاءت من ثلاث قارات مختلفة وضمت دولا كانت حتى وقت قريب بينها عداوات معلنة! انضمت السعودية والإمارات وإيران من آسيا، ومصر وإثيوبيا من أفريقيا، بينما انضمت الأرجنتين من أمريكا اللاتينية ليصل عدد أعضاء المجموعة إلى ١١ عضوا على أن تبدأ العضويات الجديدة رسميا فى يناير القادم! هذا التوسع الكبير، يعنى أنه وبحلول العام القادم، فإن المجموعة ستساهم فى ٣٠٪ تقريبا من الناتج المحلى الإجمالى عالميا وما يزيد على ٤٥٪ من عدد سكان العالم والأهم أنها ستشكل ما يقترب من ٤٣٪ من إنتاج البترول العالمى، مما يرشح المجموعة للعب أدوار مهمة فى التحكم فى السياسة الدولية خلال السنوات القادمة.

لكن ماذا تعنى عضوية مصر فى المجموعة، وما هى المكاسب المتوقعة من الانضمام، وهل هناك مخاطر أو تحديات بسبب هذا الانضمام؟ إذا ما بدأنا بالمكاسب المحتملة، فلا شك أن عضوية مصر فى مجموعة البريكس خطوة على الطريق الصحيح فى ظل نظام دولى يتغير بسرعة وتزداد عمليات الاستقطاب فيه بشكل كبير! فى ظل هذه الظروف ورغم خطورة هذا الاستقطاب، إلا أنه ولحسابات إقليمية استراتيجية بحتة فإن وجود مصر بجانب السعودية والإمارات فى عضوية البريكس وبقيادة صينية وعضوية الهند والبرازيل هى خطوة استراتيجية تحسب للسياسة الخارجية المصرية! كذلك فعضوية البريكس توفر لمصر فرصا فى الدعم الاقتصادى وخصوصا لمشروعات البنية التحتية عن طريق بنك التنمية الجديد وهو البنك الذى يقع مقره فى شنغهاى ومقره الإقليمى فى جوهانسبرج وهو إحدى أهم مؤسسات المجموعة التى تستطيع أيضا تشبيك مصر مع عدد أكبر وأكثر تنوعا من الشركاء الاقتصاديين وتوفير فرص أعلى للاستثمار تحتاجها مصر فى السنوات القادمة! كذلك فإن عضوية المجموعة قد توفر فرصا لمصر فى تخفيف اعتمادها على الدولار سواء كعملة رئيسية للاحتياطى النقدى أو كعملة للتبادل التجارى وهو أحد أهداف البريكس المعلنة! بالإضافة إلى ذلك، فإن عضوية مصر مع إثيوبيا فى المنظمة قد توفر مكسبا آخر محتملا وهو وجود فرص جديدة للتفاوض بين البلدين بخصوص سد النهضة وخصوصا أن أحد الأهداف الرئيسية لمجموعة البريكس هو توفير التعاضد بين الدول الأعضاء، ومن ثم فقد يجد المفاوض المصرى منبرا جديدا لتغيير شكل التفاوض الحالى مع إثيوبيا وسياستها القائمة على سياسة فرض الأمر الواقع! كذلك فإن أحد المكاسب المحتملة لمصر هو استفادتها الكبرى من العام الذى ستقوم فيه باستضافة القمة السنوية للمجموعة ــحتى الآن تتم الاجتماعات دوريا بشكل سنوى ومتساوٍ بين الدول الأعضاءـ ـحيث جرى العرف على تحكم الدولة المستضيفة للقمة بشكل شبه تام فى أجندة المجموعة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية! فى المجمل، فإن المكاسب المحتملة تتمحور حول توفير فرص أكبر لمصر للتعاون مع المؤسسات الدولية المالية سواء تلك التابعة للحكومات الكبرى أو تلك الخاصة، فى مجالات الاقتراض والاستثمار ودعم مشاريع التنمية المستدامة، لكن فى مقابل هذه المكاسب المحتملة، هناك بعض التحديات التى لا يجب إغفالها عند الحديث عن هذه العضوية الجديدة لمصر.

لعل أهم هذه التحديات هو التحدى المؤسسى، فمجموعة البريكس ليست مؤسسة دولية ولا إقليمية فلا مقر لها ولا سكرتارية ولا أمينا عاما ولا مجلسا تنفيذيا لاتخاذ القرارات! كذلك فهى ليست تحالفا بالمعنى المتعارف عليه دوليا فلا يوجد مثلا اتفاقية دفاع مشترك بين الدول الأعضاء، ولكنها فى أفضل الأحوال منبر أو تكتل شراكة بين مجموعة من الدول الذين يجمعهم هدف اقتصادى واضح، وهو تقديم بدائل للنظام الاقتصادى العالمى وكسر هيمنة المؤسسات الغربية على هذا الاقتصاد! ومن ثم فمصر لن تدخل إلى منظمة دولية ولا اتفاقية دفاع مشترك، ولكنها ستدخل فى مجموعة مازالت ضعيفة من الناحية المؤسسية تحاول تقديم بدائل للنظام الاقتصادى العالمى وهو أمر قد يقلل من الفائدة العائدة على مصر ما لم تتمكن المجموعة من تطوير العمل المؤسسى الخاص بها! على مستوى العمل المؤسسى أيضا، تعانى المجموعة من قلة المخرجات، فعلى الرغم من إنشاء بنك التنمية الجديد المشار إليه أعلاه، ورغم محاولات إنشاء نظام بديل للتحويلات المالية القائم حاليا والمعروف اختصارا بـ swift، وكذلك وعلى الرغم من وجود ترتيب لاحتياطى الطوارئ المالية (نظام بريكس الذى يحاول أن يحاكى بعض وظائف صندوق النقد الدولى)، إلا أن هذه المخرجات قياسا بعدد سنوات عمل المجموعة (١٥ عاما تقريبا)، تشير إلى تواضع منجزات المجموعة مقارنة بأهدافها المعلنة، وهو أمر آخر على مصر الالتفات له عند الانضمام لعدم رفع سقف التوقعات أكثر من اللازم! أما على مستوى العضوية، فتعانى المنظمة أيضا من بعض التنافر بين بعض الأعضاء، ولعل أهم هذه التنافرات ذلك العداء التاريخى بين الهند والصين، وكذلك بين السعودية وإيران، صحيح أن هذه العداءات التاريخية قد قلت حدتها فى السنوات الأخيرة، إلا أن بعض المعلقين مازال يرى أن المجموعة غير متجانسة وأن المزيد من ضم الأعضاء فى هذه الفترة الزمنية قد يزيد من عوامل عدم التجانس ومن ثم قد يؤثر على نجاح المجموعة مستقبلا فى تحقيق أهدافها!

وبالإضافة إلى كل ذلك فإن الوضع الاقتصادى للدول الأكبر فى المجموعة ولا سيما الصين وروسيا ليس فى أفضل حال! فمجموعة مثل هذه تركز على دعم برامج التنمية المستدامة وعمليات الإعمار والبنية التحتية تحتاج إلى اقتصاديات كبرى لقيادتها، وفى حالة البريكس فإن الصين صاحبة الاقتصاد الأكبر فى المجموعة تعرض اقتصادها فى السنوات الأخيرة للكثير من الهزات التى قد تؤثر مستقبلا على التزاماتها تجاه المجموعة، أما روسيا، فلا شك أن الحرب الأوكرانية قد أنهكتها كثيرا وفى هذه اللحظة تحديدا، فإنها فى حاجة إلى دعم المجموعة لها لا العكس! هذا التحدى قد يفسر أسباب انضمام السعودية والإمارات حيث من المنتظر أن تلعب الدولتان العربيتان دورا هاما فى دعم اقتصاديات دول البريكس مستقبلا!

أخيرا، فإن التحدى الأهم لمصر بعد انضمامها إلى هذه المجموعة هو مدى قدرتها على عدم الانخراط فى الاستقطابات الدولية، فالمجموعة تضم فى عضويتها دولا على عدم وفاق ــ وفى بعض الأحيان عداء صريح ــ مع الحلفاء الغربيين لمصر وفى مقدمتهم الولايات المتحدة! فلا شك أن عضوية الصين وروسيا بالإضافة إلى إيران قد تضع السياسة المصرية فى حرج مستقبلى مع نظيراتها الغربية ولا سيما فى الولايات المتحدة التى وبكل تأكيد تترقب العضوية المصرية وتأثيرها على التزامات القاهرة الإقليمية تجاه إسرائيل وعملية السلام فى الشرق الأوسط!

لا يمكن لنا فى مصر إغفال أهمية مجموعة البريكس وليس من الصواب التهوين من قوة المجموعة، لكن فى الوقت ذاته علينا وضع التحديات السالف ذكرها فى الاعتبار لتخفيض سقف التوقعات وعدم التعامل مع المجموعة كناد للدائنين من الأصدقاء يمكن الاعتماد عليه فى توسيع عملية الاقتراض فقط، ولكن علينا التعامل معه باعتبارها فرصة لزيادة قدراتنا التنافسية فى عالم شديد التأرجح اقتصاديا وسياسيا! أحمد عبدربه مدير برنامج التعاون الدبلوماسي الأمريكي الياباني وأستاذ مساعد العلاقات الدولية بجامعة دنفر

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار