تعد قضية تمكين الشباب إحدى التحديات الرئيسية في قضايا التنمية، ذلك أن الشباب في أى مجتمع هم ركيزة المستقبل، ويبقى التحدى الرئيسي لأى مجتمع هو مدى قدرته على استيعاب طاقات الشباب والإفادة من تلك الطاقات الكامنة في مجالات العمل المختلفة، خاصة حينما تكون معدلات الأعمار معظمها من الشباب وهو ما يتحقق في الدولة المصرية، الأمر الذي يقتضي تناول هذا الموضوع الهام بالتحليل والمتابعة.
ولاشك أن جانباً هاما من تفعيل طاقات الشباب هو توجيه تلك الطاقات لمجالات العمل المختلفة بعيداً عن فكرة الإلتحاق بالوظائف الحكومية والمكاتب والتي ظلت تراود أحلام الشباب لفترات طويلة مما أدى الى هدر كبير للطاقات والإمكانيات الشبابية، وهى ثقافة بدأت بالفعل في التغير نتيجة العديد من المتغيرات التي طرأت على المجتمع لعل أبرزها هو الإنفتاح العالمي عبر شبكات الإنترنت والذي مكن الشباب من التعرف على تجارب الآخرين في مختلف بقاع الارض، مما أدى للتعرف على نماذج شبابية استطاعت النجاح بعيدا عن الوظائف التقليدية مثل مالك شركة مايكروسوفت وكذلك مالك الشبكة الإجتماعية فيسبوك وغيرها، وكلها أمور دفعت الى ضرورة التفكير الإبداعي للشباب والبحث عن فرص جادة للعمل، بل وقبول أعمال بسيطة من أجل دخول مجالات جديدة في سوق العمل.
وفي السياق ذاته أدت الظروف الإقتصادية والإجتماعية الى قيام العديد من الشباب في مراحل التعليم المختلفة بالنزول الى سوق العمل لمساعدة الاهل في كسب العيش ومواصلة الدراسة وهو أمر يدفع الى الإشادة بتلك النماذج الناجحة والجادة، ولعل المجتمع الدولي يزخر بالعديد من هذه النماذج والتي بدأت بالإعتماد على نفسها في العمل، وهنا تبرز تجربة الرئيس البرازيلي الأشهر لولا دي سيلفا والذي بدأ حياته عاملا في عدة مجالات منذ الصغر وصولا لرئاسة أكبر دول أمريكا الجنوبية.
وهنا نجد أن المشروعات القومية التي دشنتها الدولة المصرية قد اتاحت العديد من الفرص للشباب للدخول الى سوق العمل وكسب العيش، كما قامت الدولة بجهود لتنمية قدرات الشباب سواء ما يتعلق بالحفاظ على صحة الشباب عبر مبادرات رئاسية عدة أو ما يتعلق بممارسة الرياضة من خلال إنشاء العديد من مراكز الشباب والتي أتاحت تمكين الشباب رياضيا وثقافيا.
جملة القول، إن مسألة تمكين الشباب يتطلب المزيد من العمل الجاد والسياسات الطموحة من قبل الدولة المصرية لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب في مختلف القطاعات، الى جانب ضرورة توجيه الرسالة الإعلامية لتعظيم ثقافة العمل بكل أنماطه وبلورة النماذج الناجحة من الشباب الذي يكافح من اجل مواصلة التعليم في ضوء تقبله لأى عمل طالما كان شريفا من أجل مواصلة الحياة.