عقب ثورة الثلاثين من يونيو سعت مصر إلى تنويع شركائها الاستراتيجيين وفتح آفاق جديدة في مجال السياسة الخارجية المصرية من خلال التوجه نحو منطقة لم تحظ بالإهتمام الكافي في دوائر السياسة الخارجية وهي منطقة آسيا الوسطى خاصة بعد تفكك الإتحاد السوفيتي وظهور جمهوريات اسيا الوسطى ومنها أوزبكستان والتي تربطها علاقات بمصر منذ القدم حيث كان يطلق عليها سابقا بلاد ما وراء النهر.
وعند النظر إلى العلاقات بين البلدين نجدها متجذرة في أعماق التاريخ من خلال صلات تفاعلية بين الجانبين منذ القدم حيث عرف المصريون العديد من رموز أوزبكستان وبقيت الآثار شاهدة على عراقة العلاقات الودية بين البلدين مثل جامع ابن طولون الذي يعد من أكبر جوامع المصرية، وحديقة الأزبكية التي أنشأها سيف الدين أوزبك اليوسفي.
وقد كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال اوزبكستان في بداية تسعينات القرن الماضي وتم افتتاح سفارتها بالقاهرة وتم تبادل السفراء، واستمرت العلاقات في معدل تصاعدي وتفاعلي بين الجانبين المصري والأوزبكي خاصة بعد ثورة 30 يونيو والتي شهدت بدورها تفاعلا هاما بين الجانبين في كافة المجالات.
وخلال العام الحالي 2023 قام الرئيس شوكت ميرضياييف، رئيس أوزبكستان بزيارة إلى جمهورية مصر العربية حيث تم نقل الرؤية المصرية حيال القضايا المختلفة للجانب الأوزبكي، كما أولت أوزبكستان أهمية فائقة برؤية الدولة 2030 والتي ركزت على قطاعات الشباب والتنمية المستدامة.
وبالانتقال إلى الجانب الإقتصادي في العلاقات بين الجانبين نجد أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ عام 2022 نحو 49.9 مليون دولار مقارنة بنحو 46.6 مليون دولار وبنسبة زيادة بلغت نحو 7 %، وفي اطار الصعود الكبير في تلك المعدلات تم تدشين العديد من البروتوكولات التعاونية في كافة القطاعات الاقتصادية والتي مهدت الطريق لعلاقات اقتصادية فاعلة مع فرص استثمارية واعدة في الأراضي المصرية للمستثمرين الأوزبك.
وعلى الصعيد قطاع السياحة تمتلك الدولتان العديد من المقومات السياحية الكبيرة والتي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ وهو ما يؤطر لتفعيل المزيد من مجالات التعاون في القطاع السياحي بمختلف صوره سواء السياحة الدينية والتراثية والتي تمتلك مصر مقومات النجاح فيها بما تملكه من إرث تاريخي وتراثي هام وكذلك الجانب الأوزبكي، إلى جانب مجالات السياحة الأخرى والتي تتميز بها مصر سواء السياحة الشاطئية من خلال وجود العديد من أماكن الترفيه الواعدة في مصر مثل مدينة العلمين الجديدة وشرم الشيخ والغردقة إلى جانب البحر الأحمر والذي يمتاز بالسياحة في فصل الشتاء، وذلك إلى جانب السياحة الثقافية والتي تملك مصر ثلث آثار العالم في مدينتي الأقصر وأسوان وهو ما يمهد الطريق لقطاع سياحي واعد بالشراكة مع أوزبكستان الشقيقة.
جملة القول إن العلاقات بين مصر وأوزبكستان في أفضل معدلاتها سواء بالنسبة للمجالات السياسية والتي تشهد زخما فاعلا في المشاورات بين الجانبين إلى جانب العلاقات الاقتصادية والتي تشهد بدورها مراحل من النمو في المجالات كافة، بينما يظل القطاع السياحي قطاعا واعدا وملهما لمزيد من الجذب والتفاعل بين الجانبين المصري والأوزبكي.
بقلم: أميرة عبد الحكيم