بفضل السياسة الحكيمة لرئيس البلاد إمام علي رحمون، تمكنت جمهورية طاجيكستان خلال سنوات الاستقلال من إقامة علاقات متبادلة مع دول العالم. وتحتل علاقات التعاون مع جمهورية إيران الإسلامية مكانة خاصة في السياسة الخارجية لجمهورية طاجيكستان، حيث أن هذين البلدين اللذين لديهما نفس اللغة والثقافة يرتبطان بمجتمع تاريخي وتقاليد عريقة من الصداقة والأخوة والتعاون القائم علي المصالح المتبادلة. وقد أظهر تحليل تاريخ تطور العلاقات بين طاجيكستان وإيران أن التعاون الناجح بين البلدين تطور خطوة بخطوة على أساس المساواة والامتثال لمعايير وقواعد العلاقات الدولية.
ترتكز العلاقات المثمرة بين طاجيكستان وإيران على مبادئ احترام الثقافة المشتركة والقيم الوطنية المشتركة. واليوم، أنشأت حكومة طاجيكستان، علاقات متبادلة قائمة علي المنافع والمصالح المشتركة في إطار مبادئ الأخوة والصداقة التي تربط بين الشعبين، وذلك من أجل تطوير العلاقات مع دول الجوار، وكذلك مع الدول الأخري التي تشاركنا اللغة والثقافة. حيث تعد إيران من أوائل الدول الصديقة التي اعترفت بطاجيكستان كدولة مستقلة وأقامت علاقات دبلوماسية معها في عام 1992. خاصة وأن شعبي إيران وطاجيكستان، كان لنهم مصير مشترك عبر التاريخ في إطار العيش تحت مظلة الدول الآرية.
إن السياسة الحكيمة لرئيس طاجيكستان إمام علي رحمون سمحت بإقامة تعاون متبادل المنفعة مع جمهورية إيران الإسلامية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعلى مدى أكثر من 30 عامًا، تم تشكيل علاقات حسن الجوار والتفاهم المتبادل بين البلدين بشكل مطرد في العديد من مجالات العلاقات الثنائية. ويتكون الأساس القانوني للعلاقات بين البلدين من أكثر من 180 وثيقة ثنائية تتعلق بالتعاون في مختلف المجالات، والتي حددت آفاق العلاقات بين البلدين الصديقين ولعبت دورًا أساسيًا في توفير الأساس القانوني. وقد تم تنفيذ مشاريع تعاون ناجحة ومثمرة بين البلدين، بما في ذلك بناء محطة سانغتودا2- للطاقة الكهرومائية، ونفق الاستقلال، والمشاريع الزراعية والثقافية والعلمية والتعليمية وغيرها، مما يدل على توسيع وتطوير علاقات الصداقة والتعاون.
شكلت زيارة رئيس المجلس الملي للمجلس العالى لجمهورية طاجيكستان، رئيس مدينة دوشانبي، رستم إمام علي، يومي 8، 9 يناير 2024، خطوة جديدة ومهمة في إطار توطيد والتأكيد علي متانة العلاقات التي تربط بين طاجيكستان وإيران. ففي إطار الزيارة، التقى رئيس المجلس الملي للمجلسي العالى رستم إمام علي برئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، السيد إبراهيم رئيسي. وجرى خلال الاجتماع مناقشة مجموعة واسعة من القضايا الهامة وذات الأولوية للتعاون بين طاجيكستان وإيران، بما في ذلك العلاقات البرلمانية. وأعرب الطرفان عن أهمية نشاط اللجنة الحكومية الدولية للتعاون التجاري والاقتصادي والفني والثقافي في توسيع العلاقات الاقتصادية.
ومع الأخذ في الاعتبار الزيادة المستمرة في حجم التجارة بين طاجيكستان وإيران وكذلك ارتفاع هذا المؤشر إلى 500 مليون دولار أمريكي، تم خلال المفاوضات الاهتمام بتوسيع التعاون وتنفيذ مشاريع استثمارية في مجالات واعدة في مجالات الطاقة والنقل والسيارات والغذاء والتعدين والأدوية والتصنيع الزراعي. ومن أجل تعزيز العلاقات الثقافية، اعتبر من المهم توسيع التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والتقنيات الحديثة، وتبادل الخبرات بين الأطباء المهنيين، والاتصالات المباشرة بين المؤسسات الطبية العلمية في البلدين، وكذلك مواصلة تقليد تنظيم الأيام الثقافية.
أشار رئيس المجلس الملي للمجلسي العالى رستم إمام علي، ورئيس المجلس الإسلامي الإيراني محمد باقر قاليبوف، مع الارتياح إلى أن الحوار السياسي رفيع المستوى بين طاجيكستان وإيران يلعب دورًا بناءًا في تعزيز العلاقات باستمرار وتوسيع التعاون متعدد الأوجه. واعتبر الطرفان دور وأهمية البرلمانات في نظام العلاقات بين الدول مهماً ورئيسياً للغاية وأعربا عن رغبتهما في توسيع العلاقات المتبادلة. ونتيجة للمفاوضات الثنائية، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المجلس الملي للمجلسي العالى لجمهورية طاجيكستان ومجلس الشورى الإسلامي لجمهورية إيران الإسلامية، بهدف توسيع العلاقات البرلمانية وتعزيز الإطار القانوني للعلاقات بين البلدين.
وفي إطار الزيارة، التقى رئيس المجلس الملي للمجلسي العالى لجمهورية طاجيكستان، رئيس مدينة دوشانبي، رستم إمام علي مع عمدة طهران علي رضا زاكاني. وكما كان من المأمول أن تسمح العلاقات الوثيقة بين دوشانبي وطهران للطرفين بتعزيز التعاون الثنائي بشكل أكبر، مع الأخذ في الاعتبار الإمكانات الصناعية والعلمية والثقافية الهائلة للعاصمتين. وهو ما أدي إلي التوقيع على برنامج للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والإنسانية بين الهيئة التنفيذية لسلطة الدولة في مدينة دوشانبي ومكتب عمدة طهران. حيث تم التأكيد علي أن الوثيقة الجديدة حول التعاون بين المدن الشقيقة من شأنها أن توجد الأساس المتين لمزيد من توسيع العلاقات القائمة علي المنافع والمصالح المشتركة بين دوشانبي وطهران.
كما قام رئيس المجلس المللي بزيارة بيت الابتكارات التقنية في إيران ومجمع برج الألفية ومرصد طهران. وفي هذه الاتفاقية، ناقش الطرفان إنشاء مشاريع دوائية مشتركة، وتدريب وإعادة تدريب الأطباء المتخصصين، وتطوير قطاع السياحة. وبالتالي، فإن زيارة رستم إمام علي إلى إيران تشكل علامة كبيرة على الاهتمام الخاص الذي يوليه شعب طاجيكستان للتعاون مع إيران التي تشاركه اللغة والثقافة والتاريخ المشترك، وهذه العوامل كفيلة لمواصلة مسيرة تطوير علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين من أجل أمن وسلامة وازدهار الشعبين.
آدينه أحمد سعيدوف
استاذ بجامعة طاجيكستان القومية
Tel:+992988961026