لقد حققت جمهورية طاجيكستان مكانة جيدة على الساحة الدولية بسياستها ، واعتبرت آفاق التوسع والتطوير للتعاون متبادل المنفعة وتنفيذ سياسة مستقرة مع الدول العربية، بما فيها دولة قطر، في غاية الأهمية.
وفي هذا السياق، فإن جمهورية طاجيكستان لديها دائما نظرة إيجابية لتعزيز العلاقات السياسية، ومراعاة المصالح المتبادلة في مختلف مناطق العالم ، وتعتبرها حافزا للتنمية.
تجدر الإشارة إلى أن جمهورية طاجيكستان معترف بها من قبل 192 دولة في العالم وتقيم علاقات دبلوماسية مع 184 دولة. وقد بدأت طاجيكستان في 13 ديسمبر 1994 علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، وحتى الآن مرت هاتان الدولتان بمراحل مختلفة من التطور الثنائي. ثم بدأت فعاليات سفارة دولة قطر في دوشانبي نوفمبر 2012، وسفارة جمهورية طاجيكستان في الدوحة مايو 2013.
وخلال سنوات الاستقلال، أكملت جمهورية طاجيكستان مختلف مراحل التعاون التنموي الثنائي مع الدول العربية، بما فيها دولة قطر. وتعتبر قطر اليوم شريكا استراتيجيا مهما لطاجيكستان في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. ولذلك فإن توسيع التعاون مع هذا الشريك الموثوق به هو إحدى أولويات السياسة الخارجية الناجحة للبلاد. حيث تم التوقيع على 16 وثيقة مهمة للتعاون بين الحكومات وبين الإدارات من أجل تطوير التعاون متبادل المنفعة وتطوير العلاقات بين البلدين في المسائل ذات الاهتمام المشترك.
قام رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان بزيارة رسمية إلى دولة قطر مرتين في عامي 2007، 2017، وقد أرست هذه الزيارات الأساس لتنمية التعاون السياسي ومواصلة توسيع التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين البلدين. كما تظهر القيادة العليا للبلاد بانتظام اهتماما خاصا بإنشاء مشاريع مشتركة وتوسيع علاقات الصداقة والتعاون مع هذا البلد العربي.
في عام 2021 أعرب رئيس جمهورية طاجيكستان ، إمام علي رحمان، خلال حديثة مع الصحفيين القطريين، والتي نُشر محتواها في صحيفة الشرق القطرية، عن ارتياحه لتعزيز العلاقات بين البلدين: نحن راضون عن مستوى ومضمون العلاقات المتعددة الأوجه بين طاجيكستان وقطر، والتي ترتكز على القيم المشتركة للحضارة التاريخية ومنهج الأخوة والتفاهم المتبادل واحترام المصالح المتبادلة. واليوم، ومن خلال الجهود المشتركة، تم تشكيل آليات التعاون المتبادل وأساسها القانوني.
ولا شك أن مجموعة وثائق التعاون المهمة الجديدة ستؤدي إلى توسيع التعاون بين طاجيكستان وقطر في مختلف المجالات وجذب الاستثمارات إلي طاجيكستان. فخلال الأعوام من 2012 إلي 2023، استثمرت قطر 64.6 مليون دولار في طاجيكستان. على هامش زيارة كبار المسؤولين القطريين إلي طاجيكستان، تم تنفيذ مشروع بناء المدينة الحديثة "ديار دوشنبه" باستثمار شركة ديار القطرية بمبلغ 300 مليون دولار، ويتم تنفيذ المرحلة الأولي بمبلغ 65 مليون. وفي 8 يونيو 2023، على هامش زيارة الدولة التي قام بها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد إلى طاجيكستان، تم افتتاح المسجد المركزي لمدينة دوشانبي.
وخلال الزيارة التي يقوم بها أمير دولة قطر الشيخ تميم، تم التوقيع على 15 وثيقة تعاون جديدة، تشمل: اتفاقية بين بلدية الدوحة وبين مدنينة دوشانبي. واتفاقية بشأن إلغاء التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية. ومذكرة في مجال التعليم وإعادة تدريب الدبلوماسيين. ومذكرة تفاهم في مجال التجارة. واتفاقية تعاون بين وكالة التقييس والمقاييس وإصدار الشهادات والرقابة التجارية بطاجيكستان وهيئة التقييس والمقاييس بدولة قطر. ومذكرة تفاهم بشأن الزراعة والأمن الغذائي. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال حماية الحياة البرية وبيئتها الطبيعية. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال التشييد والبنية التحتية. ومذكرة بشأن التعاون في مجال السياحة والأنشطة التجارية. واتفاقية بشأن التعاون في مجال التربية البدنية والرياضة. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الشباب. واتفاقية بشأن التعاون العسكري. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الوقف والشؤون الإسلامية. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال العمل والهجرة والتشغيل. وبرنامج التعاون بين وزارتي العدل بالبلدين للفترة من 2023 إلي 2025.
وخلال استضافة طاجيكستان للقمة الخامسة لمؤتمر التعاون وإجراءات الثقة في آسيا، يومي 14، 15 يونيو 2029، زار أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة، طاجيكستان حيث ترأس وفد بلاده في المؤتمر، وفي 21 يناير، قام رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان بزيارة إلى دولة قطر. والتقي خلال الزيارة مع رئيس مجلس نواب الشعب لدولة قطر حسن بن عبدالله الغانم. وناقش الطرفان خلال اللقاء قضايا توسيع العلاقات البرلمانية بين البلدين وتقييم دور البرلمانات ومجموعات الصداقة البرلمانية في خلق الأساس القانوني للعلاقات بين الدولتين في مختلف المجالات. كما تم بحث أوجه التعاون الأخرى بين الدولتين، وتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية، وجذب رؤوس الأموال، ومشاركة الشركات القطرية في توسيع التعاون بين البلدين. كما تمت مناقشة قضايا تعزيز العلاقات في المجالات الإنسانية والثقافية. وتبادل وجهات النظر حول القضايا الأخرى ذات الاهتمام.
كما التقى الرئيس إمام علي رحمان، برئيس رابطة رواد الأعمال القطريين ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركة فيصل خالدين، الشيخ فيصل بن قاسم آل ثان. كما التقى الرئيس إمام علي رحمان مع مدير إدارة الاستثمار في شركة ديار قطر، أحمد محمد طيب. والتقى أيضًا مع السيد خليفة بن جاسم الكواري المدير التنفيذي لصندوق قطر للتنمية، وعقد لقاء آخر مع رئيس مجلس إدارة شركة نبراس للطاقة محمد ناصر الهاجري. حيث تم التأكيد علي الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها طاجيكستان في مجال مصادر الطاقة المتجددة. اعتماد طاجيكستان "استراتيجية تنمية الاقتصاد الأخضر للأعوام. 2023-2037 . والتقى برئيس دائرة الاستثمار في صندوق الاستثمار الحكومي القطري الشيخ فيصل بن ثاني آلي ثاني ، وتم اقتراح إنشاء صندوق اقتصادي واستثماري مشترك لتمويل المشاريع ذات الأولوية في جمهورية طاجيكستان.
كما زار رئيس طاجيكستان منتخب بلاده لكرة القدم الذي يشارك لأول مرة في بطولة أمم آسيا لكرة القدم التي تستضيفها دولة قطر.
كما عقد الرئيس إمام علي رحمان لقاء موسع مع رجال الأعمال والمستثمرين والشركات القطرية خلال منتدى رواد الأعمال الطاجيكيين القطريين الذي عقد بمشاركة وزير التجارة والصناعة بدولة قطر الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آلي ثاني. حيث أشار إلى تقديم فرص أكثر وأفضل للتعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري بين البلدين الشقيقين. كما تم تحديد قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والزراعة والمالية والمصارف والسياحة كقطاعات ذات أولوية. وعن المزايا والضمانات الضريبية والجمركية. وعن الموارد الطبيعية الوفيرة التي تتمتع بها طاجيكستان وخاصة المياه والمعادن.
وفي إطار زيارة الدولة التي قام بها رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان، تم عقد اجتماع رفيع المستوى بين طاجيكستان وقطر. حيث تم مناقشة قضايا التعاون بين البلدين في لقاء ثنائي بين الرئيس إمام علي رحمان وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان، قبل انضمام وفدي البلدين للمفاوضات.
وقيم الرئيس إمام علي رحمان الاجتماع باعتباره استمرارًا للحوار السياسي رفيع المستوى بين الطرفين وحدثًا مهمًا في العلاقة بين البلدين. وشدد بشكل خاص على أن طاجيكستان مهتمة بمواصلة تطوير العلاقات الودية والتعاون مع دولة قطر في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك. كما تم التأكيد على أن حزمة وثائق التعاون الجديدة، التي تم التوقيع عليها الصيف الماضي خلال زيارة أمير دولة قطر إلى طاجيكستان، خلقت أساسًا قانونيًا متينًا لتوسيع العلاقات طويلة الأمد بين البلدين الصديقين. وأشار إلى أن إنشاء آليات جديدة لمواصلة تطوير التعاون ليس خارج نطاق مصالح الطرفين. ومن بينها مجموعة عمل مشتركة لدراسة وتحديد مجالات التعاون ذات الأولوية بين البلدين ومؤسسة قطر طاجيكستان للاستثمار المشترك. مع الأخذ بعين الاعتبار الفرص الاستثمارية الواسعة في طاجيكستان، في قطاعات الطاقة والصناعات الخفيفة والأغذية والتعدين والأدوية والنقل والزراعة والسياحة. وتم اقتراح إطلاق مشاريع نقل وعبور مشتركة من أجل توسيع الشبكات اللوجستية بين البلدين لتسهيل نقل البضائع والركاب وكذلك العبور إلى دول أخرى. واعتبر التعاون في مجال التعليم والعلوم والثقافة أحد العناصر المهمة لتعزيز العلاقات الإنسانية بين البلدين. كما تم مناقشة الوضع الدولي والإقليمي. والتعاون الفعال بين الجانبين في إطار المنظمات الدولية. وأهمية استمرار التعاون الوثيق في المجال الأمني.
وفي نهاية المفاوضات، أعرب اعتبر الرئيس إمام علي رحمان أن طاجيكستان تعتبر الحوار الرفيع المستوى عاملاً رئيسياً في مواصلة تطوير العلاقات وتحفيزها على مواصلته بغرض تعزيز وتوسيع العلاقات الودية والتعاون متعدد الأوجه بين البلدين الصديقين. وقد أقيمت مراسم توقيع وثائق التعاون الجديدة بحضور قائدي البلدين، حيث تم التوقيع على 9 وثائق، تضمنت: مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال إدارة حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية. برنامج العمل الأول في مجال التعليم العالي والبحث العلمي للأعوام 2024- 2027. وبرنامج التعاون بين وزارتي خارجية البلدين للفترة 2024- 2026. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال تطوير المتاحف. وبيان مشترك حول تطوير التعاون الثقافي. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية المالية المتعلقة بالجرائم المتعلقة بإضفاء الطابع الرسمي على الأموال وتمويل الإرهاب. واتفاقية بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي على الدخل ورأس المال. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الأنشطة الخيرية والإنسانية. ومذكرة تفاهم بين وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة بجمهورية طاجيكستان وهيئة المناطق الحرة في قطر.
وبطبيعة الحال، تم تحديد الأهداف والأولويات الرئيسية للدولة، وتشمل تنفيذ المشاريع الاستثمارية ذات الأولوية في مختلف الاتجاهات. حيث يوجد العديد من الفرص في مجالات الاقتصاد والتجارة، والصناعة والطاقة، والمالية، والزراعة وممرات النقل، والقطاع الخاص، والمعلومات والاتصالات، والاقتصاد الأخضر والرقمي، والخدمات المصرفية، والعلوم والتعليم، والاستثمار، والثقافة وهجرة اليد العاملة والسياحة، وتجري دراسة وتقييم العديد من المشاريع ذات الأولوية من حيث تمويل الدولة.
آدينه أحمد سعيدوف
استاذ بجامعة طاجيكستان القومية
Tel:+992988961026
