إيران.. والحرب الإسرائيلية على غزة

مقالات 10:45 21.02.2024

كانت إيران فى مقدمة الدول التى رحبت وأعربت عن تأييدها لعملية طوفان الأقصى الفلسطينية ضد المستوطنات والكيبوتسات الإسرائيلية فى غلاف غزة فى 7 أكتوبر 2023، واعتبرتها حقا مشروعا للمقاومة الفلسطينية فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى فى غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، واستنكرت وصفه من قبل واشنطن وعواصم أوروبية أخرى بأنه عمل إرهابى. كما ترى إيران أن حق الدفاع عن النفس لا ينطبق على إسرائيل باعتبارها دولة احتلال مغتصبة لحقوق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وتحقيق استقلاله والسيادة على أراضيه، وتأييدها لحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.

      وأكدت إيران أنه لا دور لها فى عملية طوفان الأقصى الفلسطينية، وأن المقاومة الفلسطينية هى التى قررت وأعدت وقامت بهذه العملية فى إطار كفاحها ضد الاحتلال الإسرائيلى، بما يتوفر لديها من إمكانيات، وأشارت إلى أن المقاومة الفلسطينية قادرة على الاستمرار فى مقاومة العدوان الوحشى الذى تشنه إسرائيل على مدى أربعة أشهر على قطاع غزة، مستنكرة ما أحدثته إسرائيل من تدمير وقتل للمدنيين الفلسطينيين مرتكبة كل أنواع الجرائم، من جريمة إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وضد القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة.

     وقد ركزت القيادات السياسية والإعلامية الأمريكية والأوروبية منذ عملية طوفان الأقصى فى أكتوبر 2023 على إبراز أن إيران لها دور فعال سواء فى هذه العملية أو عن طريق أذرعها الممتدة فى بعض دول المنطقة مثل حزب الله فى جنوب لبنان والذى يتضامن مع المقاومة الفلسطينية فى غزة، ويطلق بين الحين والآخر صواريخ وقذائف على شمال إسرائيل، مع الحرص الشديد على أن يكون ذلك فى حدود قواعد الاشتباك المتفق عليها والتى لا تؤدى إلى إدخال لبنان فى حرب مع إسرائيل. وبالرغم من محدودية عدد الصواريخ والقذائف التى يطلقها حزب الله، إلا أنها أدت إلى أن تخلى إسرائيل عدة مستوطنات وقرى ومدن صغيرة فى شمالها من سكانها الإسرائيليين، وهو ما يمثل عبئا مزدوجا عليها، أمنيا واقتصاديا، يضاف إلى أعباء حربها على غزة. واتهام إيران بأن لها ضلعا فى تشجيع الحوثيين على منع السفن التى لها علاقة بإسرائيل، وتلك القادمة والمتجهة إليها من المرور فى مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتصويره على أنه تهديد لحرية التجارة والملاحة البحرية فى البحر الأحمر، رغم أن الحوثيين يربطون وقف منعهم للسفن المرتبطة بإسرائيل، بوقف الحرب على غزة، ورفع الحصار وإدخال المساعدات لسكان غزة بلا قيود.

      وأعلنت واشنطن عن تشكيل تحالف لحماية الملاحة فى البحر الأحمر، وكانت مشاركة معظم الدول اسمية فقط ما عدا بريطانيا التى شاركت فى الضربات الأمريكية ضد مواقع للحوثيين فى المناطق التى يسيطرون عليها فى اليمن. ورد الحوثيون على ذلك بأن السفن الأمريكية والبريطانية أصبحت أهدافا مشروعة مثل تلك المرتبطة بإسرائيل، إزاء ما تقوم به الدولتان من اعتداءات على اليمن وتساعدان إسرائيل. وقد دعا ذلك واشنطن إلى إعلان أن حركة أنصار الله- الحوثيون، منظمة إرهابية ويطبق ذلك بعد شهر، هذا بعد أن كانت إدارة بايدن قد رفعت حركة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية منذ ثلاث سنوات. وبرغم كل ذلك، فإن الاتصالات الأمريكية غير المباشرة بالحوثيين عن طريق عمان ودول أخرى مستمرة لإقناعهم بعدم التعرض للسفن من ناحية، ولضمان عدم توسيع نطاق الحرب على غزة.

      وقد صعدت الميليشيات الموالية لإيران فى كل من سوريا والعراق هجماتها ضد القواعد العسكرية الأمريكية، وتصاعدت فى العراق المطالبة برحيل قوات التحالف الدولى لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار أن مهمتها قد انتهت وأنه أصبح لدى العراق قوات قادرة على التصدى للعمليات الإرهابية من دون حاجة لمساعدة هذا التحالف الدولى. وانقسم الرأى فى العراق ما بين مؤيدين لانسحاب هذه القوات، ومعارضين يرون أن العراق ما يزال فى حاجة إلى وجودها.

      وأدى الهجوم بمسيرات على قاعدة عسكرية أمريكية فى شمال الأردن على الحدود مع سوريا إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وجرح نحو أربعين، إلى رد فعل أمريكى قوى تمثل فى شن غارات جوية على نحو 85 موقعا فى العراق وسوريا، وإعلان أن واشنطن، وإن كانت تنادى بعدم توسيع نطاق الحرب على غزة، إلا أنها لن تتهاون فى الرد بقوة على أى هجوم تتعرض له القوات والمصالح الأمريكية.

وقد أبدت إيران أنه لا شأن لها بما تتعرض له القوات الأمريكية، وأن الميليشيات المؤيدة للشعب الفلسطينى فى غزة فى مواجهة الحرب التى يشنها المحتل الإسرائيلى هى التى تشن هذه الهجمات لما تراه من دعم أمريكى للعدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى.

     ويلاحظ أن إيران هيأت القوى من غير الدول فى كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، بأن تعتمد على نفسها إلى حد كبير بتخزين كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، وبتدريبها على تصنيع بعض الأسلحة ومعظم الذخائر التى تحتاج إليها فى أوقات الأزمات التى تستدعى اللجوء إلى السلاح إما للدفاع عن النفس أو للمبادرة بالهجوم على القوى المعتدية. ويتضح أثر هذه السياسة الإيرانية بصفة خاصة بالنسبة للحوثيين فى اليمن وحزب الله فى جنوب لبنان، وحركة حماس والجهاد الإسلامى فى قطاع غزة.

      وقد تعددت جولات المسئولين الإيرانيين فى دول المنطقة وأبرزها جولات وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، والتى كان آخرها جولته فى كل من لبنان وسوريا فى الفترة ما بين 9ــ11 فبراير 2024، والتى هدفت إلى بث عدة رسائل منها إعلام حلفاء إيران فى لبنان أن إيران مشاركة فى الجهود الدولية والعربية الرامية إلى إيجاد حل للحرب على غزة يبدأ بوقف إطلاق النار، وتحذير إسرائيل من جنوحها نحو اجتياح رفح وما يترتب على ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية من شأنها تهديد الأمن والاستقرار فى المنطقة، وأن إيران لا تريد توسيع الحرب فى جنوب لبنان، والتركيز على ضرورة إعطاء فرصة لتمرير التسوية على أساس وقف العدوان الإسرائيلى على غزة، حيث يتم تبادل رسائل بين واشنطن وطهران عن طريق سلطنة عمان والسفارة السويسرية التى تتولى رعاية المصالح الأمريكية فى إيران، ومسئولون من قطر. وتأكيد إيران استمرار دعمها القوى للمقاومة فى لبنان، حيث التقى الوزير الإيرانى بقيادات حزب الله، وحماس وحركة الجهاد الإسلامى الفلسطينيتين، المقيمين فى لبنان.

      يرى حزب الله وحركة أمل فى لبنان أن إسرائيل قررت تجاوز الخطوط الحمراء، باستهدافها مناطق خارج منطقة نهر الليطانى، فى محاولة لاستدراج حزب الله نحو توسعة الحرب، ولكن تدعو إيران إلى ضبط النفس لتفويت الفرصة على نتنياهو الذى يصر على التصعيد، وترى أن إسرائيل لن تتمكن من السيطرة على غزة، وأن حماس وحركة الجهاد الإسلامى والفصائل الفلسطينية الأخرى لديهم القدرة على الصمود فى وجه العدوان الإسرائيلى لأشهر عديدة، وأنهم لا يعوزهم السلاح والذخائر بكل أنواعها، حيث إنهم أمنوا مزيدا من الاحتياط من المصانع لديهم لتصنيع الصواريخ والقذائف، والتى توفر لهم اكتفاء ذاتيا لا يسمح لإسرائيل بالسيطرة على قطاع غزة.

      والتقى وزير الخارجية الإيرانى مع نظيره وزير خارجية سوريا فيصل المقداد، والرئيس بشار الأسد اللذين بحث معهما الأوضاع الإقليمية والدولية، وقدم للرئيس السورى دعوة من الرئيس الإيرانى لزيارة طهران لمزيد من المشاورات بشأن التطورات المتلاحقة فى المنطقة. وأدانوا الوجود غير الشرعى للقوات الأمريكية على الأراضى السورية، وأكد الرئيس الأسد أن استمرار واشنطن فى تزويد إسرائيل بالأسلحة المدمرة، وقيامها باعتداءات وهجمات فى مناطق مختلفة فى الشرق الأوسط، ينذر بتوسيع نطاق الصراع، وأن الغرب فى مأزق وهو يحاول إنقاذ إسرائيل.

      وقد أدت عمليات القصف الجوى الأمريكى والإسرائيلى على بعض المواقع فى سوريا منذ أكتوبر 2023 إلى منتصف فبراير 2024 إلى مقتل 34 شخصا من بينهم 12 سوريا، و6 لبنانيين، و6 عراقيين، و6 من الحرس الثورى الإيرانى، وخسائر مادية كبيرة فى المواقع المستهدفة والتى بلغ عددها 39 موقعا. ويرى الجناح العسكرى فى إيران أن يتم الرد على اغتيال إسرائيل بعض القيادات العسكرية الإيرانية، بينما يرى التيار الدبلوماسى ضرورة ضبط النفس وعدم الانزلاق إلى مسار التصعيد، حتى تبقى الأمور تحت السيطرة، واستثمار التغييرات فى المنطقة لصالح الدبلوماسية الإيرانية، وأنه بعد أربعة أشهر من الإبادة الجماعية والاعتداءات الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية، لم تحقق أيا من أهدافها المعلنة وذلك بفضل المقاومة فى فلسطين ولبنان.

      إن إيران تحرص على عدم عودتها للحالة السابقة من العزلة الإقليمية، بعد أن تحسنت علاقاتها مع دول الجوار ومعظم دول المنطقة، ولا تريد أن تستفزها إسرائيل للدخول فى صراع مباشر، والاعتماد على وكلائها للقيام بمواجهة ما يتعرضون له من اعتداءات وتحديات اعتمادا على أنفسهم حتى لا تظهر إيران بأنها المحرض لهم، وحتى لا تعطى فرصة لإسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية للاعتداء المباشر عليها.

رخا أحمد حسن

عضو المجلس المصري للشئون الخارجية

عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 

 

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار