فرنسا تخسر مواقعها في الساحل الإفريقي.. آخرها السنغال

مقالات 15:30 31.03.2024

نسمع دائمًا عن نظرية الدومينو للإشارة إلى تدحرج مواقع أو دول نتيجة سقوط موقع أو دولة مثلما تكر السبحة.

‫ شهدت العديد من دول منطقة الساحل فى غرب إفريقيا‫، انقلابات أدت إلى إنشاء مجالس عسكرية، وأنظمة من خارج مصطلح الديمقراطية. إفريقيا الغربية اليوم أفضل مثال على نظرية الدومينو، والخاسر الأكبر هى فرنسا. لأن تلك المنطقة، حتى بعد زوال الاستعمار، كانت حظيرة فرنسية وكانت لباريس سياسة ديبلوماسية تجاه تلك الدول عُرِفت باسم (Franceafrica).‬‬

       الدول الست فى القارة التى تمت الإطاحة بقادتها هى حسب التسلسل الزمنى: ‫مالى فى ٢٤ مايو ٢٠٢١. غينيا فى ٥ سبتمبر ٢٠٢١. بوركينا فاسو فى ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٢. النيجر فى ٢٦ يوليو ٢٠٢٣. الجابون فى ٣٠ أغسطس ٢٠٢٣. الكونغو الديمقراطية (كينشاسا) فى ٨ فبراير ٢٠٢٢، جرت محاولة انقلابية للإطاحة بالرئيس فيليكس تشيسيكيدى الذى أعيد انتخابه فى ديسمبر ٢٠٢٣، فى الكونغو برازافيل اقترحت أربع منظمات غير حكومية فى ٣ أكتوبر ٢٠٢٣ تنفيذ عملية انتقالية سياسية توافقية وسلمية، أى تنفيذ انقلاب لطيف لتجنب موجة الانقلابات الأخيرة للإطاحة بالرئيس دينيس ساسو نجيسو المتربع على كرسى السلطة منذ ٢٦ عامًا.‬

      تميّز الأسبوع الماضى بسقوط السنغال من سلة التحالف الفرنسية، لكن من دون انقلاب بالمعنى المعترف به ولكنه انقلاب فى قاعدة التحالفات التى أسّست لها فرنسا بعد خروجها الصورى من المنطقة، مع الإشارة إلى أن هذه الدولة تعتبر ركيزة أساسية للوجود الفرنسى المتراجع فى هذه المنطقة، إذ تُشكّل القوات الفرنسية فى السنغال، التى تم إنشاؤها فى أغسطس٢٠١١، نتيجة مباشرة لمعاهدة بين فرنسا والسنغال وُقّعت فى داكار وأسست لمركز تعاون POC تمتد مهامه إلى دول الجوار الإقليمية.

       وتتمتع هذه القوات بالقدرة على استقبال قوات أخرى متعددة للدعم كما يمكنها قيادة القوات المشتركة عبر الحدود. وبالتالى باتت تشكل جزءًا من قوى التصدى للتيارات الجهادية فى غرب إفريقيا. كما تشكل أيضًا مركزًا رئيسيًا للقيادة المشتركة لحماية الموانئ وسبل المواصلات البحرية والجوية.

       يُضاف إلى كل ذلك العلاقات التجارية التى تربط باريس بداكار. لكن منذ أكثر من عقد من الزمن، بدأت داكار تفتح أبوابها أمام مستثمرين جدد، خاصة من الخليج والصين وتركيا وروسيا. ومع ذلك، ظلت فرنسا الشريك الاقتصادى الأول للبلاد، برغم التراجع الملحوظ فى مصالحها التجارية. ولكن التململ العام فى أفريقيا كان يدل على أن القارة السمراء لم تعد حكرًا على أوروبا. وهو ما بدأ يُكرّره الرئيس المنتهية ولايته فى السنغال ماكى سال فى محاولة منه لرفع شعبيته قبل الانتخابات التى حاول إلغاءها. لكن هذه هى الحقيقة وتأخذ معناها الكامل فى سياق الانقلابات المتسلسلة المدعمة بتصاعد المشاعر المعادية لفرنسا.

      فى ٢٦ يوليو الماضى، شهدت النيجر إقدام الجنرال عبدالرحمن تيانى على الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، حليف فرنسا الذى انتخب رئيسًا للبلاد قبل حوالى عامين. وتوترت العلاقة بين باريس ونيامى إلى درجة محاصرة السفارة الفرنسية لمنع السفير من الخروج قبل أن تتراجع باريس عن موقفها. وقع حدث مماثل فى الجابون؛ حيث تخلى على بونجو (عائلة بونجو حكمت لعقود دولة الجابون) عن منصبه للجنرال بريس أوليجوى نجويما.

      اليوم يصل إلى الحكم فى السنغال منافس ماكى سال مدعوم فرنسيًا، وهو باسيرو ديوماى فاى وذلك من الجولة الأولى من الانتخابات، وكان عصب حملة حزبه الانتخابى شعار أفريقيا للإفريقيين إضافة إلى رمى كرة نار فى ملعب فرنسا باقتراحه الخروج من نظام النقد CFA (Communauté financière en Afrique) المرتبط بميزانية فرنسا بشكل مباشر.

       هذا النظام هو عملة مشتركة لثمانى دول أعضاء فى الاتحاد الاقتصادى والنقدى لغرب إفريقيا (UEMOA): بنين، بوركينا فاسو، ساحل العاج، غينيا بيساو، مالى، النيجر، السنغال وتوجو.

      فى الواقع يُوفّر التعاون النقدى إطارا اقتصاديا مستقرا لإدارة السياسات الاقتصادية فى تلك الدول مثل مقاومة صدمات الاقتصاد الكلى والسيطرة على التضخم ولكنه يعطى فرنسا عامل قوة فى سياستها النقدية.

      نزلت القوات الأمريكية فى مثلث الجهاديين بين النيجر ومالى والجزائر حيث يُحكى عن قاعدة عسكرية سرية تابعة لأفريكوم هناك (6 آلاف جندى أمريكى منتشرون رسميًا فى القارة وتفيد مصادر أخرى بوجود ١٣ ألفًا)، وهو ما أشار إليه فى مارس ٢٠١٨ الجنرال توماس فالدهوزر قائد أفريكوم. وأثارت هذه المعلومات ردات فعل فى الجزائر، لكن أيضًا فى فرنسا، وقد خفّف آنذاك النائب الأمريكى الديمقراطى عن ولاية كونيتيكت، جو كورتنى عن وطأة الكشف عن القاعدة، بقوله إن الجنود منتشرون فى دول مثل تشاد ومصر وكينيا وتجاوز ذكر الجزائر.

      وفى حين يؤكد البعض أنه لا وجود رسميًا لأى جنود أجانب على أرض الجزائر مع التشديد على كلمة رسميًا، ثمة قاعدة سرية فى تمنراست لم تعد تخفى على الأقمار الصناعية التى تدور حول العالم. هذه القاعدة مبنية فى جنوب البلاد فى مثلث الجهاديين، وفق المعايير الأمريكية، لكن يدعى البعض أنها جزائرية ولو أنها تحوى هوائى تنصت متطورًا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه).

      قلق فرنسا نابع من أن الجزائر هى المدخل الرئيس لدول الساحل.. وللجزائر نوع خاص من التأثير على الدول المتاخمة لحدودها، وهى ترفض أن يعبر الجنود الفرنسيون أراضيها أثناء ملاحقة الجهاديين فى مالى والنيجر. لعدة سنوات كانت فرنسا تراقب تقدم الأمريكيين فى مناطق نفوذها فى الساحل. لكن فى محاولة لتشتيت الانتباه حول دخول واشنطن على الخطوط الفرنسية الإفريقية، يتصاعد الهمس حول تأثير الضغط الاقتصادى الصينى واندفاع بكين لتمويل مشاريع كبرى فى إفريقيا.. من دون أية شروط سياسية! كما كانت التحليلات تُشدّد على الدور الروسى عبر شركة فاجنر العسكرية التى كانت تُقدّم خدماتها الأمنية لرؤساء وحكومات إفريقية مقابل استثمارات فى مناجم تجارة الذهب والماس.

      جاءت الحرب الأوكرانية فبادرت معظم تلك الدول إلى استنكار الغزو الروسى لأوكرانيا، إلا أن ما اعتبرته دول إفريقية عديدة سياسة الكيل بمكيالين، انعكس على مواقفها فى الأمم المتحدة وتقربها مما بات يسمى الجنوب الشامل (Global South)

      وجاءت الانقلابات المتتالية بشعاراتها الشعبوية، وكأنها تدعو روسيا للحلول محل فرنسا فى هذه المنطقة. ومع ردة فعل باريس ومعها دول الغرب، بدأت ترتسم معالم حلف إفريقى روسى فى دول الساحل الناطقة بالفرنسية- مالى وبوركينا فاسو والنيجر- بشكل عام، فيُعاد تسليط الضوء على الضعف الغربى وتراجع النفوذ الفرنسى، الأمر الذى عبّرت عنه باريس بكيل اتهامات إلى فاجنر عبر اتهامها بالنهب الاقتصادى لخيرات هذه الدول لمصلحة روسيا، كما بالنظر بعين الريبة إلى واشنطن التى تعاملت بفتور لافت للانتباه مع الانقلابات، الأمر الذى ينسجم مع ما تُردده منذ سنوات أوساط دبلوماسية عن خطط لإزاحة فرنسا من مواقعها الإفريقية وتُوجّه أصابع الاتهام تحديدا للحليف الأمريكى.

       وبعد انقلاب النيجر، عملت باريس على محاصرة الانقلابيين وتمسكت بشرعية محمد بازوم، رافضة الاعتراف بالنظام الانقلابى، فيما لم يصدر عن واشنطن أى انتقاد مباشر للانقلاب. فقد رفضت الولايات المتحدة وصف ما حصل بالانقلاب لأن القوانين الأمريكية تمنع التواصل مع قيمين على انقلاب. وقد التقت فى حينها سيليست والاندر، مساعدة وزير الخارجية الأمريكى لشئون الدفاع مع ممثلين عن الانقلابيين، وطالبت بعودة النظام الدستورى من دون أن تنتقد الانقلاب.

      وللنيجر أهمية لدى الأمريكيين خصوصا بعد انسحاب القوات الفرنسية، إذ يتواجد نحو ألف جندى أمريكى فى أغاديز، وهى قاعدة مركزية أمريكية فى المنطقة، وتُستخدم لعمليات الاستخبارات ومكافحة الإرهاب فى منطقة الساحل والصحراء. وفى منتصف مارس هذه السنة، عادت سيليست والاندر يرافقها الجنرال مايكل لانجلى، رئيس القيادة الأمريكية فى أفريقيا (أفريكوم)، للتفاوض حول تجديد عقد قاعدة أغاديز الذى تنتهى مدته فى ٢٠٢٤.. إلا أن رئيس المجلس العسكرى فى النيجر الجنرال عبدالرحمن تيانى رفض استقبال الموفدة الأمريكية، فاكتفى الوفد بلقاء رئيس الوزراء.

      كما أعلن المجلس العسكرى أن الاتفاق غير عادل وفُرض من جانب واحد بمذكرة شفوية بسيطة، واعتبر أن وجود الجنود الأمريكيين غير قانونى، وانتقد أنشطة التحليق غير القانونية فوق أراضى النيجر من قبل الطائرات الأمريكية. وتردد أن المجلس العسكرى كان يُعبر بموقفه هذا عن غضبه من تسريبات أمريكية لدول إفريقية عن مفاوضات تجريها النيجر مع إيران بشأن استغلال مناجم اليورانيوم فيها. والجدير ذكره أن النيجر دولة مهمة جدًا بالنسبة لفرنسا خصوصًا لجهة ما تحتويه من مناجم يورانيوم.

بسّام خالد الطيّارة

 

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار