نحو أحضان كابوس لعين

مقالات 11:00 05.04.2024

شىء حولنا يشى بأيام وربما سنوات وعقود تسود فيها غلبة العنف وعدم الاستقرار والحاجة إلى التسلح أو زيادته، شىء ينفرنا من العمل مع مجموعة أشقائنا العرب ويدفعنا لنتعود على العيش ضمن خريطة جديدة. هذه الخريطة جرى رسمها وتلوينها خلال سنوات الإعداد للنكبة الثانية وهى الحرب الإسرائيلية السابعة أو الثامنة ضد جيرانها العرب. يطلقون على هذه الحرب عناوين متعددة، تارة هى الحرب الإقليمية التى ما فتئ يبشر بها ويحذر من نشوبها الطرف الأمريكى، وتارة هى من تتمات النكبة الثانية، وتارة هى أولى حروب العهد الإبراهيمى فى مسيرة الشرق الأوسط الجديد، وتارة هى البداية المنطقية الأخرى لحرب عالمية ثالثة، حرب يتحدث عنها، أو يتوقعها البولنديون وآخرون فى أوروبا الملتهبة بالقلق.

      يحسب لهذا الشىء غير الملموس وغير المدروس وغير الواضح تماما، يحسب له أو يحسب عليه، أنه يرمى بنا إلى أحضان كابوس لعين بعد أن راح ينتزعنا من أحضان حلم لذيذ. مطلوب منا أن نفكر فى «ما بعد»، واختاروا له تعبير «اليوم التالى». هذا الطلب فيه ظلم وإجحاف وربما سوء نية. يطلبون من طرف لم يشارك فى صنع النكبة أن يشارك فى تكريس نتائجها وفى حمايتها. المدهش فى الأمر أن الطلب لم يوجه إلى المنظمة الإقليمية المكلفة منذ يوم ولادتها بقضية فلسطين أرضا وشعبا، إنما وجه إلى دولتين جارتين لفلسطين، هما الدولتان الوحيدتان بين دول هذا الجوار اللتان احتفظتا بقدر عال من الاستقرار السياسى ووحدة أراضى كل منهما. غيرهما من دول هذه المنطقة تتعرضان منذ ما قبل النكبة، وبعبارة أدق منذ أيام وسنوات الإعداد للنكبة الثانية، تتعرضان لشتى أنواع الابتزاز وسرقة الثروات الطبيعية والحروب والهجمات المخططة بعناية لتحقيق التجزئة ثم التفتيت فالبعثرة.

      إلا أنه وإن كان ولا بد من الاستجابة لطلب ممن أطلق على نفسه عسفا وأمرا واقعا صفة الوسيط وهو فاعل مؤسس مشارك فى تحقيق النكبة فقد يكون من واجب الحيطة الاستمرار فى التعامل معه على هذا الأساس وليس بصفته وسيطا محايدا. ليس معنى أن يتقدم فى مجلس الأمن بمشروع قرار يحمل سمة الاعتدال فى الموقف، أو أن يمتنع عن استخدام حق النقض ضد مشروع قرار معتدل استنفذ قوته بل وصلاحيته حتى قبل أن يصدر، ليس معنى كل هذا أن الوسيط صار محايدا. فما هى إلا لحظات ويعلن الوسيط أنه لم يكن صادقا ولا حسن النية فها هو يعلن أن قرارات مجلس الأمن ومنها قرارات من صنعه صارت، بقدرة قادر، غير قابلة للتنفيذ.

      فى مثل هذا الوضع يجدر بالأطراف المكلفة أو المرشحة لأدوار تفرض فرضا أن تتريث فى القبول حتى وإن كان الوضع على الأرض غير محتمل وغير إنسانى. نعرف ويعرفون من وقائع النكبة الأولى ونتائجها أن كلفة التعامل مع هذه النتائج كانت باهظة. ولن تكون كلفة التعامل مع نتائج النكبة الثانية أقل من كلفة النكبة الأولى سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وعسكريا. إذا دخلناها مسيرين وإن بزعم أننا مخيرون فلن نحصد إلا خراب الديار والخضوع الكامل لهيمنة من لم ولن يرحم، كنا شهودا وما نزال حتى لحظتنا الراهنة.

ضرورى أن يكون معلوما للشعب المصرى أننا حتى وإن قبلنا فلن نذهب فى طرق جربناها وتلقينا فيها دروسا مرة، لن نكررها. نذهب فى الاتجاه السليم مسلحين بثوابت التاريخ وأولها قدسية علاقاتنا الاستراتيجية بمشرق آمن ومطمئن. يعرف المسئولون هنا وهناك ونعرف كم عانينا فى مصر نتيجة احتلال العراق وسرقته وفرض العقوبات عليه، وتمزيق سوريا وإخضاعها لهجمات من كل نوع مهين ومذل، وحبس الفلسطينيين وتشتيتهم بين جزئين لا يلتقيان ولا يتلامسان..

      ضرورى أن نحصن مفاوضينا بدرع جديد يقيهم شرور وتحايلات الطرف أو الأطراف الأخرى، أما الدرع فهو ما تحقق لصالحنا مصريين وفلسطينيين وآخرين من دعم وتفهم فى الرأى العالمى. لم يحدث، حسب ما أذكر، أن وصلت أكرم وأصدق رسائلنا إلى مختلف الشعوب. فلنذهب، إن أجبرنا على الذهاب أو اخترناه، مسلحين بمذكرة دولة جنوب إفريقيا وقرارات محكمة العدل الدولية. يعملون الآن، كما ولا شك نعلم، على إلغاء ما وقع وكأنه لم يقع. جنوب إفريقيا تدفع بالفعل ثمنا فظيعا بل وإفريقيا بأسرها. المقاومة الوطنية ضد الأجنبى المحتل والمستوطن تبعث من جديد. حالة جديدة من الزهو عادت إلى النفس العربية والآسيوية. هناك فى آسيا كما نقل، صحوة، وفى الصين بخاصة إعجاب وفى الهند انكشاف وقلق برغم الدعم الأمريكى والصهيونى.

      ضرورى أن نذهب، إن قررنا الذهاب، مزودين بضعف الجانب الآخر، وأقصد جماعة اليهود المضطربة داخل إسرائيل وفى العالم الخارجى وبخاصة فى الولايات المتحدة. يجب ألا نستهين بعمق الانقسام اليهودى، ربما غير المسبوق. نذهب ورءوسنا مرفوعة بفضل أداء الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة وبرغم هزال الأداء الرسمى الجماعى العربى. نتذكر ونحن هناك فى معمعة السياسة والدبلوماسية أن نصر إسرائيل لم يتحقق فرجاء عدم معاملة وفد إسرائيل كالمنتصر، ونصر الفلسطينيين لم يكتمل فرجاء ساعدوا على اكتماله.

     أفترض الشفافية فى المفاوضات إن جرت. ليت دبلوماسيينا من المفاوضين يحملون معهم فيديوهات صورت آلام وجوع وجراح أهل غزة وأهل الضفة فنادرا ما اطلع الرأى العام على تفاصيل ما حدث ويحدث فى معسكرات اللاجئين فى الضفة. نعرف ولا يعرف الكثيرون فى الغرب أن إسرائيل يحكمها المستوطنون من مزدوجى الجنسية. هؤلاء يسرقون أهل المدن والقرى الفلسطينية ويقتلون النساء والأطفال. أهل الضفة لا تحميهم سلطة حاكمة، وهى المرشحة لتحكم فى غزة مع المكلفين من عرب منتقين وتحت وصاية الاحتلال الإسرائيلى، والأدهى والأسوأ معا إذا شاركت فى الحكم والأمن قوة دولية سواء من جنسية واحدة أو من جنسيات متعددة.

      أرجو وأتمنى أن تتفادى وفود العرب المنتقاة تنفيذ رغبة الطرف الخصم التعهد بإطفاء حماسة الشعوب العربية. هذه الحماسة كنز ليس فقط لشعب فلسطين ولكن لكل العرب، هى ضرورة وهى طريقهم لنهضة جديدة، هى فرصة لتقديم دليل جديد على خروج العرب من قوقعة التجاهل والإنكار، فرصة قد لا تتكرر قبل مرور عقد أو عقدين. سمعت أن الوسيط الأمريكى تعهد لقيادات إسرائيلية معينة بأن يقنع العرب المفاوضين بتقديم تنازلات وفيرة تسمح لإسرائيل بالعودة لمكانة مرموقة بين الأمم، بمعنى وقف الحملات الإعلامية المناهضة، والعمل على تفريق طاقة الغضب عن الأفارقة وغيرهم من الشعوب الغاضبة، فضلا عن عدم الإلحاح على منح فلسطين عضوية دائمة فى الأمم المتحدة.

       لن تهدأ أمريكا وبعض دول أوروبا حتى ترى دولا عربية أكثر عددا وقد انضمت إلى إسرائيل فى أحلاف إقليمية ومشاريع تنمية مشتركة، لن تكون فلسطين بين هذه الدول لسنوات وربما لعقود عديدة قادمة. فالقرار باستبعاد فلسطين كدولة مستقلة قرار إسرائيلى متخذ بالفعل وما كانت حرب الإبادة التى شنتها إسرائيل ضد الفلسطينيين فى غزة سوى صفحة مدروسة من صفحات الملف الصهيونى، صفحة مقررة على النخبة الحاكمة فى إسرائيل. كنا شهودا.

جميل مطر

كاتب ومحلل سياسي

 

 

سامي الحاج: "أذربيجان ستكون إحدى الدول الرائدة في العالم"

أحدث الأخبار

بيان صحفي: ديمقراطية من؟ برلمان الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة ينظم فعالية في مكتب الأمم المتحدة
16:15 10.10.2024
تركيا تعلن توقيف عميل للموساد
19:00 04.09.2024
منظمات الإغاثة تحذّر من أزمة جوع تاريخية في السودان
18:00 04.09.2024
ممر زانجازور يعكر صفو التحالف الروسي ــ الإيراني
17:30 04.09.2024
فيلادلفيا... رد مصري حاد يزيد الضغط على نتنياهو
17:00 04.09.2024
بزشكيان يتحدث عن حاجة إيران إلى جراحات كثيرة
15:00 04.09.2024
رئاسة كوب 29 تطلق منصة للشفافية لدعم الدول النامية في مواجهة تغير المناخ
14:00 04.09.2024
تضامن خليجي مع مصر ضد استفزازات إسرائيل
13:00 04.09.2024
استقالات بالجملة في أوكرانيا تمهيداً لتعديل وزاري واسع
12:00 04.09.2024
بوتين في منغوليا متحديًا الجنائية الدولية
11:00 04.09.2024
السيسي يزور تركيا في أول زيارة له منذ توليه الحكم في مصر
10:00 04.09.2024
طالبان تطمح إلى الحصول على معدات دفاعية روسية
20:30 03.09.2024
زعماء أفارقة إلى الصين بحثاً عن استثمارات
20:00 03.09.2024
أونروا: تطعيم 87 ألف طفل ضد شلل الأطفال في مخيمات وسط غزة
19:30 03.09.2024
اليابان تحتج بعد دخول سفينة صينية مياهها الإقليمية
19:00 03.09.2024
الشيخة حسينة من رئيسة وزراء بنغلادش الى معضلة دبلوماسية للهند
18:30 03.09.2024
السعودية وقبرص تبحثان تعزيز التعاون في النقل والخدمات اللوجيستية
18:00 03.09.2024
التضخم السنوي في تركيا يسجل تراجعاً كبيراً في أغسطس
17:00 03.09.2024
الأمم المتحدة ستواصل التعامل مع طالبان في أفغانستان
17:00 03.09.2024
فنزويلا تفرج عن عشرات المراهقين الذين اعتقلوا خلال مظاهرات
16:00 03.09.2024
لماذا تشكل مدينة بوكروفسك الأوكرانية أهمية استراتيجية؟
15:00 03.09.2024
ماليزيا ونيوزيلندا تدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة
14:00 03.09.2024
إصابة سفينتين تجاريتين بهجومين قبالة سواحل اليمن
13:00 03.09.2024
ارتفاع بورصات الخليج الرئيسية بفضل آمال خفض الفائدة
12:00 03.09.2024
اتفاقية شاملة للتعاون العسكري بين سوريا وإيران
11:00 03.09.2024
بوتاش التركية اتفقت مع شل على توريد الغاز المسال لمدة 10 سنوات
10:00 03.09.2024
مصر تؤكد لمجلس الأمن رفض السياسات الأحادية الإثيوبية حول سد النهضة
09:16 03.09.2024
روسيا تحيي ذكرى مرور 20 عاما على مجزرة بيسلان
19:00 02.09.2024
بولندا إحياء الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية
18:00 02.09.2024
الجيش الصومالي يعلن سيطرته على منطقة هلجن الحدودية مع إثيوبيا
17:30 02.09.2024
إسرائيل تشهد إضراباً شاملاً تضامناً مع أهالي المحتجزين في غزة
17:00 02.09.2024
إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز معاهدة حظر الانتشار
16:30 02.09.2024
قطر للطاقة تشيد مجمعا عالميا لإنتاج سماد اليوريا
16:00 02.09.2024
تأكيد سعودي- قطري على تعزيز العلاقات الثنائية نحو آفاق أرحب
15:30 02.09.2024
خمسة مشاريع ضمن طرق الحرير الجديدة في أفريقيا
15:00 02.09.2024
الرئيس المكسيكي يختتم ولايته بإصلاح قضائي يثير التوتر مع واشنطن
14:00 02.09.2024
التحقيق النهائي في مروحية رئيسي يؤكد سقوطها لسوء الأحوال الجوية
13:00 02.09.2024
الإمارات تهنئ أوزبكستان بذكرى استقلالها
12:00 02.09.2024
مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن سد النهضة
10:00 02.09.2024
أردوغان يؤكد مضي تركيا قدما في تطوير مشروع القبة الفولاذية
21:00 01.09.2024
جميع الأخبار