تكلّس الركبة مشكلة شائعة يمكن أن تصيب الجميع بلا استثناء. وفي وقت يُعتبر الرياضيون والنساء الأكثر عرضة، يمكن لبعض الوسائل الوقائية أن تحدّ من هذه الإصابة. فما هي العلاجات الحديثة؟ وهل استبدالُ الركبة هو الحلّ النهائي؟
تُعتبر كل المفاصل في جسم الانسان معرّضة للتكلّس، ولا سيما مفصل الركبة جراء تعرض الشخص للتعب خلال حياته. في هذا السياق حاورت «الجمهورية» الاختصاصي في جراحة العظم والمفاصل والمنظار، والأستاذ المحاضر الدكتور عامر عبدالله الذي قال إنّ «مفصل الركبة هو عبارة عن نقطة إلتقاء بين عظمة الفخذ، عظمة الرجل وصابونة الركبة، ويكون مغلّفاً بنوع من الصمغ والذي يُعرف بالغضروف. ومع العمر وبعد تعرض الانسان للامراض المختلفة تضعف هذه المادة، الامر الذي يسبّب إحتكاكاً بين العظمتين، وبالتالي الاصابة بالتكلّس في هذا المفصل أو أيّ مفصل آخر».
أهمّية الكشف المبكر
تكلّس الركبة مشكلة شائعة جدّاً، خصوصاً عند فئات معيّنة من الاشخاص. وبحسب د.عبدالله «يلعب العمر دوراً مهماً، فنلاحظ اصابة مَن هم فوق الـ60 سنة، لاسباب عدّة، نذكر منها ضعف المفصل مع التقدّم في السن، وبعد التعب الذي يتعرض له الانسان خلال حياته، كالمشي مثلاً، الامر الذي يؤدي إلى ذوبان هذا الغضروف.
أمّا العامل الثاني فهو وراثي وتصاب به النساء أكثر في مجتمعنا، اضافةً الى الرياضيين المحترفين الذين يستهلكون هذا المفصل أكثر من غيرهم ما يفسّر التكلّس المبكر الذي يواجهونه.
اضافةً الى اسباب أخرى قد تسبّب التكلّس، كالالتهابات الجرثومية التي تكون مسؤولة عن إستهلاك الصمغ أي الغضروف. وقد يكون هناك أيضاً أيّ كسر في المفصل قد عولج بطريقة معيّنة أو أنّ الحادث الذي سبّبه كان خطراً، الامر الذي سيؤدّي الى تكلّس مفصل الركبة».
تظهر العوارض على المريض في المراحل الاولى من المرض ويمكن كشفها مبكراً من خلال الفحوصات الطبّية. ويشير د.عبدالله الى أنّ «المريض يعاني في المراحل الاولى من وجع في منطقة الركبة لا سيما عند المشي او صعود ونزول الادراج.
ولكن طبعاً، لا يشير كل وجع في الركبة الى الاصابة بالتكلّس. ولكن عند ظهور هذه العوارض بشكل متكرّر، على المريض التوجّه لاستشارة الاختصاصي الذي يعمد الى القيام بالفحص السريري، للتأكد من احتمال الإصابة بالتكلّس والذي في حال وُجد يُخضع المريض حينها الى بعض الصور الطبية كصور الاشعة، لتأكيد الاصابة».
الأدوية المسكّنة
نتجاهل في معظم الاوقات الاوجاع، فنلجأ الى تناول الادوية المسكّنة، إلّا أنّ ذلك لا يُعتبر الحلّ المناسب، فاستشارة الاختصاصي مهمة لتحديد المشكلة باكراً بهدف علاج سهل وفعّال. وينصح د.عبدالله أن «يستشير المريض، جراح العظم فور شعوره بالالم، الذي يشخّص الحالة من خلال الصور والفحوصات اللازمة. أمّا إذا شعر بالارتياح بعد تناول الادوية المسكّنة لفترة قصيرة، فيمكنه عندها تجاهل الوجع. ولكن، إذا حصل عكس ذلك فمن المهم التوجّه إلى الإختصاصي فوراً، لأنّ التشخيص المبكر هو الاساس».
العلاج الفيزيائي
لكل درجة من التكلّس، علاج مختلف بحسب تقدّم مرحلة الاصابة. ولكن متى تدعو الحاجة للجراحة؟ وهل العلاج الفيزيائي ضرورياً؟ يجيب د.عبدالله قائلاً إنّ «في المرحلة الاولى ينصح بتناول الادوية للحدّ من الآلام، اضافةً الى بعض المنشطات للغضروف والتمارين الرياضية. أما في الدرجات الأكثر تقدّماً، فيوضع العلاج بحسب كل حالة، فإذا وجد التكلّس في منطقة معيّنة من الركبة وليس في كل المفصل، عندها لا تشمل الجراحة المفصل ككل.
وإذا كان المريض يعاني من التواء في المفصل عندها يهدف التدخّل الجراحي الى تجليسه، وإذا كان يعاني من ضعف في الركبة يمكن أن نوجّهه الى العلاج الفيزيائي. بينما إذا كانت العظام تحتك ببعضها البعض نتيجة نقص الصمغ وإذا كان المريض متقدّماً في السن، فعندها يكون العلاج النهائي استبدال المفصل أيّ وضع الـ «Prothèse».
إستبدال المفصل
يخضع بعض المرضى الى عدد من العلاجات التي تبطئ مشكلة التكلّس عندهم دون أن تلغيها، قبل الوصول الى مرحلة استبدال الركبة. وبالنسبة لعملية الاستبدال، المعروفة بالمفصل الاصطناعي، يفسر د.عبدالله أنه «يتمّ إستخراج جزء معيّن من العظم في المفصل لاستبداله.
هذه الجراحة كغيرها، شهدت تطوّرات وأضيفت لها أدوات حديثة. حتى في موضوع التخدير فبتنا نلجأ إلى التخدير الموضعي في منطقة الرجلين فقط والعمل الجراحي بنفسه أصبح محدوداً وبات يُعرف بالجراحة الأقل ضرراً على العضل».
عملية استبدال الركبة سهلة ويمكن للمريض أن يكمل حياته طبيعياً، ويوضح د.عبدالله «يمكن للمريض الذي خضع للعملية في الركبة الواحدة أن يعود إلى المنزل خلال يومين، أما الذي خضع للجراحة على مستوى الركبتين فيخرج بعد 3 أو 4 أيام من المستشفى، ويبدأ بالتمرين على المشي بعد العملية في المستشفى، ليتبع في المنزل برنامجاً معيّناً كالعلاج الفيزيائي والمشي بهدف تحسين وتقوية مفصله.
ومع تطوّرالمعادن والتقنيات يمكن للمريض معاودة ممارسة الرياضة. وتجدر الاشارة الى انّه بإمكان المفصل العيش من 20 الى 25 سنة، وحتى بعد قضاء هذه المدة أي في أسوأ الحالات يمكن إستبدال المفصل الاصطناعي القديم بآخر جديد».
لا يختلف المفصل الاصطناعي عن أيّ مفصل آخر، ولكن يبقى على المريض الانتباه، فبحسب د.عبدالله «لدى اصابته بالزكام مثلاً أو إلتهاب البول، من المهم أن يخضع المريض للعلاج كي يتخلّص من الإلتهاب الذي يصيب نقطة ضعف المفصل، وهذه الحالات بسيطة جداً ولا تتعدّى الـ1 الى 2 في المئة».
التدابير الوقائية
يمكن أن نحدّ من خطر الاصابة بتكلّس الركبة عبر اتّباع بعض النصائح الوقائية، التي يذكُرها د.عبدالله قائلاً إنّ «الرياضة جيدة ولكنّ الإفراط بها مؤذٍ، والوزن الزائد يستهلك الركبة ما يحتّم خسارة بعض منه. أمّا عندما يعاني المفصل من كسر فيجب أن يقوم المريض بالجراحة الافضل للحدّ من الاصابة بالتكلّس. وفي حال كان المريض يعاني من مشكلة التهاب مزمن في المفاصل (Rhumatisme)، فعليه أن يخضع لعلاج مركّز لدى إختصاصي مفاصل للتخفيف من نسبة الاصابة بالتكلّس المتق