تواصل الصحافة الأوزبكية سلسلة النشرات حول أذربيجان. ونشرت بوابة darakchi.uz الأوزبكية المقال الآخر للصحفية ريما صابرجانوفا حول انطباعاتها من رحلة إلى أذربيجان في هذا الصيف. تقدم يوميات أوراسيا نص المقال للصحفية الأوزبكية للتعرف عليه. وتجدر الإشارة إلى أن الجولة الإعلامية للصحفيين الأوزبكيين تحققت بعون من المؤسسة الأورأسيوية الدولية للصحافة.
أذربيجان: المتاحف وأماكن جديرة برؤيتها
هناك خيارات عديدة، لذلك عليكم تقررون على الفور وما يهمكم أكثر: التاريخ وعلم الآثار والفولكلور والمهن الشعبية التقليدية والدين والسياحة الصحية إلخ. تتمثل جميع هذه الاتجاهات للسياحة في العاصمة باكو على نطاق واسع وفي ضواحيها وأقاليم البلد.
المتحف الوطني لتاريخ أذربيجان (باكو)
تعكس آثار الثقافة المادية والروحية والوثائق الأصلية للتاريخ السياسي والحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلد والتي جمعت هنا تاريخ أذربيجان من العصور القديمة وحتى يومنا هذا. على سبيل المثال، في أحد المعارض المخصصة لنمط حياة الشعوب التي عاشت في أراضي أذربيجان قبل آلاف السنين، يمكن للمرء أن يرى الجمجمة للمرأة القديمة مع الثقوب بعناية في الجمجمة. كما تبين أنها نتيجة العملية الجراحية للجمجمة التي نفذت بالفعل قبل 7 آلاف سنة! وظلت المرأة على قيد الحياة بعد هذه العملية. وهذا ما يتضح من عظام الجمجمة التي بدأت تنمو معا.
أثارعرض واحد اهتماماً أكثر وهي دمية المرأة البدائية. وهناك جزء من العظم الفك العلوي، وعثرت عليه في عام 1968 في كهف أزيخ وهوأحد أقدم المستوطنات للناس البدائيين. ووفقا للشظية التي تم العثور عليها، تمكن العلماء من معرفة أن هذا هو الفك من أزيخانثروبوس االمرأة البالغة من العمر 20 عاما، وحتى استعيد مظهرها. ومن المعروف أن الأزيخانتروب استقر في أذربيجان قبل 400-300 ألف سنة.
وهناك الكثير العروض الممتعة عن الطقوس والتقاليد والاحتفالات للأجيال القديمة من الأذربيجانيين، كما هناك العروض الفريدة الأخرى في المتحف والتي عثرت عليها أثناء الحفريات. على سبيل المثال، النساء في أذربيجان، مثل في بلدنا، كن ترتدن الزين على الأجبنة والأصداغ للحماية من العين الشريرة منذ الأزمنة القديمة.
وكان الرجال هنا منذ الأزمنة القديمة يمارسون فن المصارعة جسماً لجسم والتي يشتهرون فيها حتى يومنا هذا في االمباريات الأولمبية. وتدل عروض السراويل الرياضية للتدريب والمطرزة يدوياً، وتعرض هنا أيضاً الدمبل القديمة بحجمها مثيرة للإعجاب وليس على الإطلاق بنفس الشكل كما كنا نراها في الصالات الرياضية .
في إحدى القاعات يمكنك أن ترى الجلباب الاحتفالية من الرجال والنساء في القرون الماضية. وكان هناك على نحو منفصل معرض للزي الوطني في مناطق أذربيجان.
تاريخ عائلة واحدة (باكو)
يقع المتحف نفسه في أحد أجمل المباني لبداية القرن العشرين، في منزل رجل الأعمال البارز وصاحب حقول ومعامل النفط والمحسن الذي قدم الكثير لتنمية بلاده الحاج زين العابدين تاقييف. وفي المتحف معرض شامل خاص ومكرس لتاريخ حياته وأعماله. كان ابناً للإسكافي الشهير في باكو ومن سنه المبكر اتقن مهنة البناء وأصبح فيما بعد من أبرز رجال الأعمال والذي كان من بين أوائل من بدء بإنتاج الكيروسين في باكو والنفط للاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد. بني الحاج زين العابدين تاقييف هذا المنزل الفاخرة بتصاميم المهندس المعماري البولندي المعروف غوسلافسكي في عام 1901 كهدية الزفاف لزوجته الثانية المحبوبة سونا عربلينسكي، ابنة الجنرال بالا كيشي بيك عربلينسكي .
تلقى الكثير من الناس الذين زاروا هذا البيت محب الضيوف دعماً من صاحب البيت. بفضل الحاجي زين العابدين تربى الجيل الكامل من الشباب المتعلمين والمثقفين التقدميين لزمانهم. وهو نفسه لم يكن متعلماً وأسس المنح الدراسية للطلبة المسلمين. وبغية منع عدم استقرار الكوادر كان الحاج زين العابدين يشترط للشباب الموفدين للدراسة في الخارج العودة إلى الوطن ويأخذ التعهد الخطي منهم. وهو مؤسس لأول المدرسة الداخلية العلمانية للفتيات المسلمات في الشرق وكانت معظمهن من الأسر الفقيرة. وقد قامت الحاج ببناء مساجد ومدارس دينية وعلمانية وتنظيم الدورات للتعليم الذاتي للعمال وساعد الأيتام والأرامل.
ومن بين أولئك الذين أيدهم الحاج زين العابدين تاقييف في التعليم كان الطبيب والكاتب الأذربيجاني الشهير ورجل المجتمع والسياسي الكبير وفيما بعد مفوض الشعب للشؤون الخارجية ورئيس مجلس مفوضي الشعب لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية ناريمان ناريمانوف. كان ناريمانوف الذي اضطر إلى إبلاغ كفيله السابق والمحسن أنه ستتم مصادرة ممتلكاته وتسليمها إلى الدولة. وكان يحاول يقنع الحاج بمغادرة البلاد لإنقاذ حياته وأسرته. ولكنه كان مخلصاً لوطنه ورفض الهجرة بعد إقامة السلطة السوفياتية وانتقل مع عائلته إلى بلدة مارداكان. وعندما طرد الحاج زين العابدين من منزله، قال لأفراد عائلته: "خذوا الأشياء الشخصية فقط، وكل ما غيرها سيبقى للشعب". توفي الحاج زين العابدين تاقييف في 1 سبتمبر 1924عام في سن 105 سنة. وبعد وفاته مباشرة، طردت الأسرة من المصيف في مارداكان ونقلوهم إلى إحدى المساكن المشتركة دون أي وسيلة للرزق. لم تتحمل زوجة الحاج زين العابدين سونا هانيم الحزن لفقدان أولاً ابنها محمد الذي توفى في ظروف غامضة في الخدمة العسكرية وثم زوجها المحبوب وحرمانها من البيت وفقدت عقلها وأنها كانت تتجاول خلال السنوات العديدة في الشارع الذي يقع فيه بيت تاقييف وتطرق على بابه.
هكذا يوماً ما عثروا عليها في فصل الشتاء البارد من عام 1932 وهي المجمدة عند باب منزلها السابق. هاجرت الابنة الكبيرة ليلى في عام 1924 أولا إلى إيران وثم إلى اسطنبول. أساء هذا الخبر صحة والدها نهائياً بعد ذلك أنه لم يعد قائماً من السرير. في عام 1935 قضت ابنته الثانية سارا سنتين في السجن بتروغراد بتهمة االتورط في قتل أحد قادة الحزب الشيوعي كيروف. وفي وقت لاحق، بعد عودتها إلى باكو في منتصف عام 1950، كانت تحاول إعادة اعتبار والدها، لكن بقت رسائلها للمسؤولين دون الرد عليها. في عام 1991 تمكنت ابنتها صافيا من تأسيس المؤسسة الخيرية باسم أمها سارا هانيم تاقييفا. ووفقاً للتقاليد الراسخة في هذه العائلة كل المساهمات التي تلقاها المؤسسة، تصرف للأعمال الخيرية: في المدارس الداخلية والمستشفيات للأطفال والمتقاعدين المحتاجين.
ويلفت أحد المعروضات الأخرى المكرسة للحاج زين العابدين تاقييف الانتباه وهي صورة الحاج زين العابدين مع رجل الدين المعروف في باكو الشيخ ابو تراب الذي دفن الحاج بالقرب من قبره.
كان الحاج زين العابدين يحترم جداً الشيخ أبو تراب وكان دائماً يستمع إلى توصياته ونصائحه. يقال إن الحاج زين العبدين كان يروي أن يوماً في طريقه إلى منزله الصيفي في ماردكان لقي الشيخ أبو تراب آغا الذي كان يركب في مركبته العادي. ودعا رجل الاعمال الشيخ الى تغيير مركبته وركوب في مركبة الحاج الرائعة. " وسألته:" نعم، آغا هل تعتقد أن الثروة يمكن أن تفوت من أيدي يوماً ما"؟. وقال أبو تراب آغا: "يا حاجي، ذهبت إلى مكة نفسها وقمت بزيارة الحج. أنت لست عليماً بتقلبات الدهر. إذا أراد الله، قد يحرمك من الثروة بأكملها في طرفة العين. لذا فكر أكثر عن الأبدية ". في وقت لاحق من ذلك بكثير وصي الحاج زين العابدين دفنه عند سفح قبر الشيخ الجليل أبو تراب. وقال: " في العشرينات، بعد تأميم المصانع والحقول والقصورالخاصة لي انتقلت إلى الإقامة الدائمة في بيتي الصيفي في مارداكان وتذكرت كلمات ابو تراب آغا التي لا يمكن أنساها وأدركت أن رأسي لا يعرف شيئاً مما يعرفه إصبعه الصغير. لهذا السبب أوصيت أن يدفنوني جنب قدميه".
أعدت الصحفية ريما صابرجانوفا
الترجمة من الروسية د. ذاكر قاسموف