منسق حملة عودة العلاقات مع سوريا: هزيمة المشروع “الصهيوأمريكي” بسوريا انتصار لمصر .. وسوريا هي العمق الاستراتيجي لأمننا القومي
العلاقات بين مصر وسوريا ضاربة في عمق التاريخ؛ وقد شهدت أوجها وقت الوحدة بين البلدين تحت اسم “الجمهورية العربية المتحدة” في عهد الزعيم الراحل عبد الناصر، وهو ما خلق مزاج عام من الود بين الشعبين، ذلك المزاج الذي رفض القرارات الطائشة التي أصدرها الرئيس المعزول محمد مرسي في مؤتمر “نصرة سوريا”، بقطع العلاقات وتخفيف التمثيل الدبلوماسي، والشعارات الطائفية التي خرج بها المشاركون في المؤتمر ممن هم حاليًا إما في السجن يحاكموا بتهم مختلفة أو هاربين خارج البلاد، وبعد ثورة 30 يونيو ظلت العلاقات الرسمية على نفس الوضع رغم تغير التوجهات في عهد الرئيس السيسي من المقاطعة إلى المساندة والمشاركة في الحرب ضد الإرهاب.
وحيال ذلك؛ تحركت مطالب شعبية بدأت من مصر وانطلقت إلى سوريا بهدف إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، من خلال حملة شعبية قادها مفكرون وإعلاميون وتيارات وأحزاب ومحسوبون على التيار الناصري القومي تحت نفس الشعار الذي كانت تحمله الإذاعة التي بثت من مصر وقت عبد الناصر: “من القاهرة .. هنا دمشق”.
القيادي الناصري الدكتور محمد سيد أحمد أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس وأحد مؤسسي الحملة؛ تحدث معنا باستفاضة حول كافة التفاصيل حول الحملة ومستقبلها في تحقيق الهدف الذي يتمناه جميع المصريون فضلا عن الأشقاء في سوريا.
حيث أكد أن فكرة عودة العلاقات بين مصر وسوريا بدأت منذ اليوم الأول لرحيل محمد مرسي والإخوان المسلمين من سدة الحكم، حيث طالب عدد من المؤمنين بالفكر القومي العربي على مدار الأربع سنوات الماضية بضرورة عودة العلاقات، ولكن على الرغم من التأخير في الاستجابة إلا أنهم لم يشكوا يوما بأن هناك تنسيق وتعاون مستمر بين البلدين، مشيرًا إلى أنه قد سأل الرئيس بشار الأسد في لقاء جمعهما أكتوبر 2013 سؤالا مباشرا عن وجود قنوات اتصال مع الجانب المصري بعد ثورة 30 يونيو، فأكد أن هناك اتصال وتعاون على أعلى مستوى، وأنهم كانوا يتأكدون من ذلك من خلال التصريحات الدائمة للقيادة السياسية المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي حرصت دائما على التأكيد على ضرورة حل الأزمة السورية سياسيا وعبر طاولة المفاوضات، وكذلك ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا، وحتمية دعم الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب، وأن آخر تأكيد لذلك كان في خطاب الرئيس في قمة الرياض .
وأضاف أنهم كانوا واثقون بشكل كامل من أن عدم الإعلان عن وجود علاقات هدفه التمويه على أعداء مصر وسوريا الذين يستهدفون تقسيم وتفتيت الوطن العربي، مضيفًا أن لكل من مصر وسوريا تحالفاتهما الإقليمية والدولية وكل منهما كان يرغب في الحفاظ على تلك التحالفات الإستراتيجية خلال الفترة الماضية، وأن إعلان مصر عن زيارة علي المملوك رئيس الاستخبارات السورية لنظيره المصري خالد فوزي قبل شهرين كان مؤشر على أن الوقت قد أصبح مناسب لعودة العلاقات بشكل كامل وطبيعي لذلك أعلنوا عن إطلاق حملتهم التي تستهدف أولا عودة العلاقات للحفاظ علي الأمن القومي المصري والعربي، خصوصًا وأن هذه الحملة يمكن ان تشكل غطاء شعبي لسرعة إعادة العلاقات المصرية السورية أمام الرأي العام العالمي.
وأشار منسق حملة عودة العلاقات بين مصر وسوريا، إلى أنه لا يوجد برنامج زمني محدد للحملة حتى يتم الاستجابة لمطالبها التي تتمثل بخلاف عودة العلاقات في التنسيق التام بالحرب المشتركة ضد الإرهاب، وتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك، وأنهم سيواصلون المشوار إيمانا بأن المعركة مشتركة سواء مع المشروع التقسيمي والتفتيتي الذي تقوده أمريكا وإسرائيل والمعروف بـ”الشرق الأوسط الجديد” والذي تشكل فيه مصر الجائزة الكبرى أو المشروع التكفيري الإرهابي الذي تستخدمه تلك الدول لتحقيق أهدافها، مضيفًا أن حملتهم لاقت استجابة من دوائر مماثلة مرتبطة بالدولة السورية، حيث تشكلت حملة مماثلة داخل سوريا تسعى لجمع توقيعات من الشعب السوري لكي ترسل رسالة للعالم أجمع أن سوريا تسعى بقوة لعودة العلاقات مع مصر كي يشكلا معا محور لمقاومة الإرهاب في المنطقة العربية .
وكشف الدكتور محمد سيد أحمد؛ عن أن الحملة مثلت ضربة قاضية لتيارات الإسلام السياسي في البلدين خاصة وأنها تأتي متزامنة مع انتصارات مدوية لجيشنا الأول “الجيش العربي السوري”، حيث يقوم بتجفيف منابع الإرهاب في طول وعرض البلاد وكذلك انتصارات مدوية لجيشنا الثاني والثالث “الجيش المصري” العظيم في مواجهته للإرهاب سواء في سيناء أو في الداخل، وكذلك الضربات الاستباقية له في الخارج على الأرض الليبية تأمينا لحدودنا الغربية.
وأكد أنهم كانوا يعلمون أن تيارات الإسلام السياسي وكذلك أنصار المشروعات التدميرية للوطن العربي سوف يحاربون الحملة لأنهم يدركون أن عودة العلاقات المصرية السورية يعني فشل مشروعهم بشكل نهائي، وأن مؤسسو الحملة على ثقة أن العلاقات التاريخية بين مصر وسوريا أكبر وأصلب من أن تتأثر بأفعال الإخوان المسلمين ومحمد مرسي، خاصة وأن المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية تدرك أهمية سوريا للحفاظ علي الأمن القومي المصري منذ اللحظة الأولى.
وبرر ذلك بأنه لذلك ظلت العلاقات مستمرة دون انقطاع حتى في ظل وجود الإخوان في الحكم، وأن هناك مليون دليل على ذلك أبسطه هو عدم منعهم من الذهاب إلى سوريا ودعمها عبر وسائل الإعلام حتى في ظل وجود الإخوان في الحكم ولم يتعرض لهم أحد، موضحًا أنهم كانوا يذهبون إلى سورية ويهاجمون الإخوان المسلمين ومحمد مرسي وهو على رأس السلطة وكانوا يعودون إلى مصر ولا يتعرض لهم أحد، وأنه لو كان دورهم ودعمهم لسوريا مرفوض من قبل الأجهزة الأمنية الوطنية المصرية لكانوا قد قاموا بمنعهم وهو ما لم يحدث قط، بجانب أنه شخصيا ضيف دائم على التليفزيون المصري مدافعا عن سوريا شعبا وجيشا وقائدا وكون أنه يسمح له بذلك فهذا دليل آخر على أن مصر الرسمية تدعم سوريا طوال الوقت.
وأكد أنهم تأخروا في الإعلان عن الحملة كان بسبب انتظارهم للوقت المناسب مراعاةً لطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية لمصر وسوريا، وأنهم وجدوا أن الوقت قد أصبح مناسب الآن، بعد أن أعلنت مصر وبشكل واضح عبر خطابات متعددة للقيادة السياسية وعلي رأسها الرئيس السيسي دعمها لسوريا علانية وأمام العالم، وبالتالي أصبح الموقف يتحول من السر إلى العلانية فرأوا أن الواجب عليهم دعم الموقف الرسمي عبر حملة شعبية تطالب بعودة العلاقات المصرية السورية حفاظا علي الأمن القومي المصري والعربي.
وأكد أنهم يتمنون تدشين إذاعة أو قناة لتكون لسان حالهم في الدفاع عن المشروع القومي العروبي المقاوم وليس لحملتهم هذه فقط، كما كان أيام الزعيم جمال عبد الناصر لكنهم يدركون صعوبة ذلك في الوقت الراهن فليس بإمكانهم تحقيق ذلك في الوقت الراهن لعدم توافر إمكانيات مادية، لكنهم يستغلون وسائل الإعلام الحديثة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم والدفاع عن مشروعهم.
وأضاف أنه لم يكن من ضمن مؤسسي حملتهم شخصيات رسمية، لكنهم عندما أطلقوا الحملة انضم إليهم عدد من الشخصيات العامة من سياسيين واعلاميين وبرلمانيين وأساتذة جامعات، وقاموا بالتوقيع على البيان المطالب بعودة العلاقات المصرية السورية، معتبرًا أن ذلك يعطي للحملة دعما كبيرا ، خاصة أنهم سيرسلون البيان إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزارة الخارجية والبرلمان.
ولفت إلى أنه الحملة تستهدف تفعيل إتفاقية الدفاع المشترك بين مصر وسوريا، وأنها اتفاقية قديمة مازالت قائمة ويمكن تفعيلها الآن في مواجهة الإرهاب ، وأنه إذا كانت هناك صعوبة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك الموجودة داخل الجامعة العربية فأضعف الإيمان هو تفعيل إتفاقية الدفاع المشترك بين مصر وسوريا خاصة أن البلدين يخوضا الآن حرب حقيقية ضد عدو مشترك وهو التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تسعى لتدمير مصر وسوريا من الداخل .
وأشار إلى أن التنسيق لمحاربة الإرهاب موجود بين مصر وسوريا لكنه يتم بشكل سري ، معتبرًا ذلك أمر طبيعي، لكنه عندما تعود العلاقات المصرية السورية بشكل علني هنا يمكن ان تكون المشاركة فعلية بين الجيشين لإجهاض المخططات الإقليمية والدولية التي تستهدف المنطقة وليست مصر أو سوريا فقط.
وأوضح أن الموقف المصري في عمومه من القضية السورية يقول أننا ندرك أن هزيمة المشروع “الصهيوأمريكي” بأدواته التكفيرية الإرهابية في سوريا هو انتصار مشترك لأن سوريا هي العمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري، وأن أي زعزعة وعدم استقرار في سوريا سينعكس حتما على مصر ، لأن حقائق التاريخ تقول أنه لا حرب ولا سلم بدون سوريا، فكل نصر أو هزيمة تاريخية كانت سوريا طرف فيها منذ عهد الهكسوس والتتار والحملات الصليبية قديما والغزو الفرنسي والاحتلال الإنجليزي والاعتداء الصهيوني حديثا، مشيرًا إلى أن النصر يتحقق بتعافي سوريا والهزيمة تقع بمصر بضعفها ، وأنه لذلك يدرك كل من يقرأ التاريخ أن أمننا القومي المصري يبدأ من هناك من سوريا العربية.
وألمح القيادي الناصري البارز إلى أن وجود توجه مصري روسي مشترك للخروج من حالة الصراع العسكري إلى الخلاف السياسي، وأن مصر ومنذ تدخل الحليف الروسي لحل الأزمة السورية، تقوم بالتنسيق معه وتسعى بقوة لنزع فتيل الحرب والجلوس على طاولة المفاوضات لحل الأزمة سياسيا، مضيفًا أن تلك الحرب الكونية ضد سوريا اتخذت مسارين الأول حربي ميداني ونجح فيه الجيش العربي السوري بامتياز ، والمسار الثاني سياسي وقد حققت فيه الدبلوماسية العربية السورية انتصارات متتالية بفضل حنكة وبراعة مفاوضيها وعلى رأسهم الدكتور بشار الجعفري مندوب سوريا بالأمم المتحدة وكبير المفاوضين والذي وصفه بـ” أسد الدبلوماسية السورية” الذي هزم كل خصومه بالضربة القاضية في كل الجولات وفي كافة المحافل الدولية .
أما بالنسبة لأكراد سوريا وسعيهم لإقامة دولة انفصالية، فأكد أن هذا وهم كبير لن يتحقق على أرض الواقع، وأن هذا الحلم الوهم يخدم المشروع الصهيوامريكي الذي يسعى لتقسيم وتفتيت الوطن العربي بأكمله، وبالطبع يستخدم هذا المشروع الورقة الطائفية والمذهبية والعرقية، لإشعال النيران بالداخل العربي عموما والسوري على وجه الخصوص، وأنه ليس خافيًا على أحد بعد تصريحات ناتينياهو الأخيرة بتعمد إقامة قواعد في سوريا لضرب إسرائيل، أن الكيان الصهيوني يحاول الآن دعم أكراد سوريا بعد أن نجح الجيش العربي السوري في الانتصار على الجماعات التكفيرية الإرهابية وأصبح قاب قوسين أو أدنى من اعلان النصر النهائي، فتحاول إسرائيل خلق معركة جديدة عن طريق الأكراد، مؤكدًا أن هذه المعركة ستنتهي سريعا وسيعود العقل للأكراد الذين هم جزء من مكونات المجتمع العربي السوري، وسيقومون بلفظ هؤلاء الخونة والعملاء المتعاونين مع أمريكا وإسرائيل.
وأكد على احتمالية تدشين قواعد حربية في سوريا تستهدف إسرائيل، وأن ذلك بالطبع ليس بسبب دعم إسرائيل للأكراد، بل لأنها تؤمن بأن معركتنا الحقيقية مع هذا العدو الصهيوني، ولابد من مواجهته يوما والقضاء عليه وتحرير كامل التراب العربي المحتل والمغتصب من إسرائيل ، وأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لدى الدولة السورية ولابد أن يكون هذا التوجه هو توجه كل الدول العربية ، مشيرًا إلى أن معركتنا من العدو الصهيوني معركة وجود وليست حدود، لذلك “لا” صلح و”لا” تفاوض و”لا” اعتراف، وأن هذه اللأت الثلاثة هي التي أطلقها الزعيم جمال عبد الناصر ومازالت سوريا تؤمن بها وتسير وفقا لها.
بوابة الأهرام