رفعت فياض
ثلاثة أحداث مهمة حدثت في أذربيجان دفعت وفدا صحفيا مصريا عالي المستوي أن يقوم بزيارة أذربيجان بعد تلقيه دعوة من رئاسة الجمهورية الأذربيجانية، وكذلك من المؤسسة الأورأسيوية الدولية للصحافة ـ وكان الحدث الأول هو انعقاد مؤتمر التضامن الإسلامي ودور الإعلام في مواجهة الإرهاب ـ والحدث الثاني كان اللقاء مع علي حسنوف مساعد رئيس الجمهورية في الشئون الاجتماعية والسياسية والحديث عن قضايا متعددة ومتشعبة، وكان الحدث الثالث هو زيارة أكبر وأقدم جامعة في أذربيجان والحديث عن مجالات التعاون المستقبلية بين الجامعات المصرية والجامعات الأذربيجانية، وكيفية زيادة هذه المجالات
كان اللقاء الأول للوفد الصحفي المصري مع علي حسنوف مساعد رئيس الجمهورية الأذربيجاني للشئون الاجتماعية والذي تحدث فيه بعد أن تناول معلومات مفصلة عن تاريخ أذربيجان والتنمية السريعة التي تشهدها نتيجة مواصلة الرئيس إلهام علييف بنجاح سياسة الدولة التي أسسها الزعيم القومي حيدر علييف ـ فأكد علي أن أذربيجان تبدي بالفعل أهمية كبيرة لتعزيز التضامن في العالم الإسلامي، وأشار إلي بيئة التسامح والتنوع الثقافي الموجودة علي مر القرون في أذربيجان، ولفت إلي أن أذربيجان تقوم من أجل ذلك بترويج وتبليغ نموذجها للتسامح والحوار بين الثقافات والحضارات في العالم بأسره
وقال: لقد زرت بلدكم الجميل مرتين، بلد مليء بالآثار التاريخية، وعليكم أن تعتزوا بها، ولاشك أن كل بلد في العالم الإسلامي يتميز بخصائص مميزة وآثار تاريخية واضحة، لكن للأسف منذ 10 سنوات تقوم بعض الدوائر الغربية بإبادة هذه الآثار التاريخية وتبيد سكان هذه المناطق أيضا، ونشهد أن سوريا علي سبيل المثال والتي كانت درة الحضارة الشرقية في السنوات الماضية قد تم تدميرها، كما أن مصر التي تعاني أحيانا من زعزعة الاستقرار، وهناك بعض القوي التي تسعي ومازالت تسعي لعدم استقرار مصر، ولهذا فإن نجاة العالم الإسلامي سيكون في وحدته، وعلينا أن نتوحد ونتضامن قبالة هذه القوي التي تريد الإساءة للإسلام ودول العالم الإسلامي، وقد أكد الرئيس الأذربيجاني بالفعل في كلمته التي ألقاها في القمة الإسلامية الأخيرة علي أن الوحدة والتضامن بين العالم الإسلامي هي أحد الركائز الأساسية، وأن علي دولنا وكذا المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام لدينا جميعا وكذلك أحزابنا أن تتوحد وتقف في صف واحد
نشر النموذج الأذربيجاني
وأشار مساعد رئيس الجمهورية أن بعض دوائر الغرب تحاول للأسف إثبات أن التنوع الثقافي قد أفلس، وأنه لايمكن أن تتعايش الشعوب المختلفة داخل دولة واحدة، لكن أذربيجان ترفض هذا التوجه الغربي تماما في هذه القضية، ولهذا فنحن ننشر النموذج الأذربيجاني من التسامح للرد علي ذلك، وفي بلدكم مصر يتعايش منسوبو المذاهب والأديان المختلفة في وئام علي مر السنين، وأذربيجان أيضا كذلك، ونحن نعتز بهذه البيئة من التسامح، ولن نحيد عن طريقنا في هذا الأمر بعد أن أصبحت أذربيجان إحدي مراكز الثقافة الشرقية الإسلامية، وأصبحت أول دولة تنشئ جمهورية أولي في الشرق، أسست أذربيجان البرلمان والحكومة والنظام الديمقراطي للإنتخابات وأقامت علاقات دبلوماسية مع العالم الخارجي، وأنشأت جامعات وأكاديميات الموسيقي والمسارح، وقدمت في العالم الإسلامي حق الإنتخاب للمرأة، وأنشأت جيشا وطنيا، وقد إستطعنا خلال فترة وجودنا ضمن الإتحاد السوفيتي قبل الإستقلال الحفاظ علي لغتنا الأم وعلي ديننا وعلي هويتنا القومية رغم منع الإتحاد السوفيتي لنا ـ وقد إستقلت دولة أذربيجان الحالية عن الإتحاد السوفيتي بأراضيها وحدودها الكاملة، ونسبة المسلمين عندنا الأن حوالي ٩٢٪ ـ و88٪ من السكان ينتمون إلي القومية الأذربيجانية القديمة وبقية البشر ينتمون إلي شعوب أخري، أما أهم قضية خاصة بنا الآن هي إحتلال 20٪ من أراضي أذربيجان من جانب الأرمن منذ 20 عاما،
نحتاج للتوحد
ويضيف مساعد رئيس الجمهورية في حديثه قائلا: نحن نحتاج لأن نتوحد خاصة بعد مظاهر الفتنة الطائفية في المنطقة والتي بدأنا نحن في مواجهتها، وقد وأدنا هذه الفتنة عندنا وقضينا عليها، وأصبح الشيخ والراهب في الكنيسة يجلسان بجانب بعضهما البعض علي مائدة الطعام الرمضانية في الشهر الكريم، وبمبادرة كريمة من شيخ الإسلام عندنا يتم تقديم الدعم المادي إلي الكنائس وبقية دور العبادة وترميم بعضها، كما تواصل الدولة دعهما لتعزيز التسامح بين الأديان وتدعم إدارة مسلمي القوقاز وإدارات المعابد والكنائس دون تفرقة ـ ولذلك فقد انعدمت في أذربيجان التناحرات بين المذاهب علي مدي الزمن، وقد شهد التاريخ بعضا من هذه التناحرات بين أهل السنة وأهل الشيعة لكن هذا حدث أيام العثمانيين
وفي القرن الـ 19 إنقسمت أراضي أذربيجان إلي ثلاثة أقسام الأول بقيت في إيران تحت اسم جنوب أذربيجان والقسم الآخر لتركيا وأرمينيا تحت مسمي أذربيجان الغربية والجزء الثالث هو الذي يشكل أذربيجان الحالية ـ وقد تم إنشاء دولتنا المستقلة في قسم أذربيجان الذي كان قد تم ضمه لروسيا ـ
لم نشعر بالمذهبية
وأكد علي حسنوف مساعد رئيس الجمهورية أننا خلال 70عاما من فترة الاتحاد السوفيتي لم نشعر بالمذهبية أو الفرق بين أهل السنة وبين أهل الشيعة، وبعض العائلات كان جزء منها سنة وآخر شيعة، وبعد استقلال أذربيجان جاءت بعض الطوائف الخارجية، وجاءت إلي أذربيجان طوال الفترة الأخيرة ثلاثة دوائر للتبشير الأولي من إيران الجارة لنا من الروحانيات الإيرانيين بالنسبة للشيعة، والثانية من تركيا جاءوا للتبشير بالمذهب الحنفي أو السلفي، ومن السعودية جاءوا للتبشير بالوهابية، ونحن نعاني بالفعل من هذه التدخلات التي تعمل علي بث التفرقة بين أبناء الشعب لكننا نلجم هذه التدخلات القوية ونقوم بطردهم خارج حدود البلاد ـ ولذلك فإن الشعب الأذربيجاني يتمتع بروح الوحدة ولايمكن جلبه إلي التفرقة المذهبية، لأن دولتنا القوية تقوم بلجم مثل هذه المحاولات في حينها
مع حرية الاعتقاد .. ولكن
وردا علي سؤال رياح الطائفية الشديدة في المنطقة ـ وماذا تفعل أذربيجان في مواجهتها داخليا حتي تكون هناك وصفة يمكن تطبيقها في مناطق أخري ـ قال مساعد رئيس الجمهورية أن الدولة تعتبر أن الإسلام جسر بينها وبين الإنسان، ولايمكن التدخل في هذه العملية ـ وهناك حرية الاعتقاد، وكل معتقد يمكن أن يصلي في المسجد ويقوم بإقامة مناسكه بحرية، لكن هذه الحرية لاتعني التدخل في القيم العلمانية السائدة في الدولة، لأنه إذا حدث هذا تتدخل الدولة فورا ـ وغير مسموح علي سبيل المثال لأصحاب أي مذهب أن يأتي للعمل بملابس تعبر عن أصحاب هذا المذهب ـ لكن بعد العمل يمكنهم الذهاب للمساجد أو غيره ـ كما يريدون ـ ولايمكن لأي مواطن أن يطالب داخل المسجد بتصنيفه أنه علماني أو شيعي أو سني ـ أما بالنسبة للرياح التي تهب من الخارج فقد يحدث هذا بشكل خفي لكن الدولة تمنع حدوث مثل هذه الحالات
علاقات مع مصر قوية
وردا علي سؤال حول علاقات أذربيجان مع مصر وماهي انطباعاته بعد الزيارتين التي قام بهما إليها ؟ أجاب مساعد رئيس الجمهورية مؤكدا أن العلاقات بين البلدين تسير قدما بشكل كبير، ونحن بلدان متشاركان، ونحن نحترم كثيرا انحياز الشعب المصري لقيادته واختياره لها، والرئيس عبد الفتاح السيسي صديق لأذربيجان، وننتظر زيارته لنا لأنه سيكون لها مردود كبير ومهم علي تطور العلاقات بين البلدين
أما عن زيارتي لمصر فقد كانت الزيارة الأولي فيهما للمشاركة في مؤتمر وزراء الإعلام بالقاهرة وتجولت وقتها في القاهرة لمدة 4 أيام، أما الزيارة الثانية فكانت لمدينة شرم الشيخ وقد سعدت بها جدا ـ وختاما نحن دولة تريد أن تصادق الجميع ولاتريد أن تدخل في أي تحزبات، ونريد أن يكون تركيزنا الأكبر في تنمية بلدنا ونموها وسعادة أهلها