نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مقالاً لديفيد ليش قال فيه إنّ "إيران استولت على سوريا"، وسأل ما إذا كان أحد يستطيع وقفها؟
ولفت الكاتب الى أنّه منذ إنتهاء الحرب الباردة وحتى العام 2010، سوريا التي كان يقودها الرئيس الراحل حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار الأسد، تتمتّع بموقف جيوسياسي مرن وفريد في العالم العربي. فسوريا التي قالت إنّها القلب النابض للقومية العربية شاركت في التحالف الدولي لإخراج العراق من الكويت عام 1991. وسوريا التي صُنّفت من قبل الولايات المتحدة على أنّها "دولة راعية للارهاب"، تعاونت أجهزة إستخباراتها مع نظيرتها في واشنطن في القتال ضد تنظيم "القاعدة".
وعلى ما يبدو هذه الأيام، فزمن المرونة انتهى، ومنذ بدء الحرب في العام 2011، باتت حكومة دمشق مرتبطة بإيران و"حزب الله" للبقاء في السلطة. كما لعبت روسيا دورًا مهمًا إلا أنّ طهران بقيت الداعم الأول والأبرز للأسد.
وبما أنّ نهاية الحرب تلوح في الأفق اليوم، يبدو أنّ إيران تحضّر لتكون الفائز الأكبر وتسيطر على السياسة الخارجية في سوريا في المستقبل، بحسب الكاتب الذي ذكّر بأنّ "التحالف الإيراني السوري نشأ في العام 1979 بعد الثورة الإيرانية، وفي أعقاب توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، والتي كانت حليف سوريا بالشعارات القوميّة، رأى حافظ الأسد أنّ بلاده تحتاج لأصدقاء أقوياء وجدد. ومنذ ذلك الوقت، لعبت إيران دورًا كبيرًا عبر الدعم العسكري والإقتصادي وعبر دعم "حزب الله" في لبنان، وبالتالي السماح لدمشق بالحصول على وضعية إستراتيجية.
ومع نشوب الحرب السورية، وزيادة حدّة المعارك، أصبحت السياسية الخارجية أكثر شدّة أيضًا. ووفقًا لـ"نيويورك تايمز" فإنّ الحرب شارفت على النهاية والأسد باقٍ في السلطة.
ومن عقود إعادة الإعمار الى التنظيم والدعم، دخلت إيران في العمق السوري، بطريقة لا يُمكن للأسد تجاهلها. لكنّ النخبة السياسية والعسكرية في سوريا، بمن فيهم الأسد، يخشون أن يؤدّي تحالف غير عادي مع ايران الى الحد من مرونتهم في مرحلة إعادة الإعمار، العلاقات الديبلوماسية والتطوير الإقتصادي.
وقال خبير روسي رفيع المستوى للصحيفة: "السيناريو الكابوس" للأسد هو عندما تنتهي الحرب السورية، فلا أحد سيهتمّ ما سيحصل في سوريا إلا إيران، ولفت الى أنّه بغض النظر عمّا قاله الأسد في خطابه الأخير وشكر إيران، إلا أنّه يرغب بالتمسّك بمرونته الإستراتيجيّة.
وبحسب الكاتب، يبدو حتى الآن أنّ إدارة ترامب ترغب بترك سوريا الى روسيا، لكن على واشنطن أن تُدرك ماذا يعني تركها لإيران، وقال: "على صنّاع القرار السياسي في أميركا وروسيا العمل أكثر على إنهاء الحرب، عليهم مراقبة المناطق الآمنة والعمل على الديبلوماسية لوضع مستقبل سوريا ما بعد الحرب وعدم تركها لإيران".