أعرب بابا الفاتيكان فرنسيس، اليوم الأحد، “عن أمله في أن تتوصل أرمينيا وأذربيجان إلى حل سلمي” لأزمة إقليم “قره باغ” الأذري المحتل من قِبل أرمينيا منذ عام 1992.
جاء ذلك في البيان المشترك الصادر عقب لقائه بكاثوليكوس الأرمن، كاريكين الثاني، في اليوم الأخير من زيارته للعاصمة الأرمينية يريفان.
وعقب اللقاء قام الإثنان خلال ساعات المساء، بزيارة دير خور فيراب التاريخي الواقع على الحدود الأرمينية مع تركيا، وأرسلا حمامة باتجاه جبل أغري التركي كرسالة سلام.
وأمس السبت، قال الناطق باسم الفاتيكان، الأب فيديريكو لومباردي، في مؤتمر صحفي في يريفان، إنّ ما قاله البابا فرنسيس عن أحداث عام 1915، لا يستحضر روح الحملات الصليبية، وإن البابا يرغب في بناء الجسور بين الشعوب، وينوي لبناء أسس السلام والمصالحة.
وفي مستهل زيارته لأرمينيا، يوم الجمعة الفائت، استخدم بابا الفاتيكان، مجددًا مصطلح “الإبادة العرقية” لوصف “أحداث عام 1915″، في تصريحات أدلى بها، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأرميني، سرج ساركسيان، عقب استقباله.
وردّ عليه نائب رئيس الوزراء التركي، نور الدين جنلكلي، بالقول إنّ تصريحات البابا “ليست موضوعية وناجمة عن عقلية صليبية”.
تجدر الإشارة إلى أن توترًا ساد بين تركيا والفاتيكان، العام الماضي، بعد أن وصف فرنسيس، في قداس نظم من أجل الأرمن، في 12 أبريل/نيسان من العام ذاته، أحداث عام 1915 بـ”الإبادة الجماعية”، وقامت أنقرة على إثرها باستدعاء سفيرها لدى الفاتيكان، في اليوم نفسه، وخفضت مستوى علاقاتها معه إلى درجة القائم بالأعمال.
ويطلق الأرمن بين الفينة والأخرى نداءات تدعو إلى “تجريم تركيا وتحميلها مسؤولية مزاعم تتمحور حول تعرض أرمن الأناضول إلى عملية إبادة وتهجير على يد الدولة العثمانية” أثناء الحرب العالمية الأولى، أو ما يعرف بـ”أحداث عام 1915″، كما يقوم الجانب الأرمني بتحريف الأحداث التاريخية بطرق مختلفة، ليبدو كما لو أن الأتراك قد ارتكبوا إبادة جماعية ضدهم.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية إطلاق صفة “الإبادة الجماعية” على تلك الأحداث، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور “الذاكرة العادلة”، الذي يعني التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر.
وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20% من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم “قره باغ” (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي “آغدام”، و”فضولي”، متسببة بتهجير نحو مليون أذبيجاني من أراضيهم ومدنهم، فضلا عن مقتل نحو 30 ألف شخص جراء النزاع بين الجانبين.
ورغم استمرار التفاوض بين البلدين منذ وقف إطلاق النار عام 1994، إلا أن عدم التزام أرمينيا بنظام وقف اطلاق النار وضربها بالمفاوضات عرض الخائط واتخاذها موقفًا غير بناء، وخرقها للهدنة بشكل شبه يومي، كان سببًا رئيسيًا في اندلاع الاشتباكات على الحدود بين الجانبين.