من الارتدادات الإقليمية للأزمة الخليجية، تجدد النزاع الحدودي بين جيبوتي وإريتريا، بعد وساطة قطرية، قاربت 10 أعوام، مما دفع الأفارقة لرفع الملف إلى قمة الاتحاد الإفريقي، المنعقدة، اليوم وغدا، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
فعندما قطعت السعودية وحلفاؤها علاقتهم مع قطر، في يونيو/حزيران الماضي، لم تأخذ جيبوتي وقتا كثيرا لإعلان انحيازها لمعسكر المملكة، رغم علاقتها القديمة مع الدوحة.
ورغم سعي الدولة الإفريقية الصغيرة لموازنة موقفها، وذلك باكتفائها بخفض تمثيلها الدبلوماسي مع قطر، إلا أن الأخيرة سارعت إلى سحب قواتها من الحدود المتنازع عليها بين جيبوتي وإريتريا.
وتلى ذلك قطع إريتريا لعلاقتها مع الدوحة، رغم كونها من الحلفاء القلائل لنظام الرئيس أسياس أفورقي، الذي يعاني من عزلة، على المستويين الإقليمي والغربي.
وكانت القوة القطرية منتشرة منذ 2010، بموجب اتفاق رعته الدوحة لتسوية النزاع الحدودي بين البلدين، الواقعين في منطقة القرن الإفريقي، التي تمثل عمقا حيويا للدول الخليجية، على الساحل المقابل من البحر الأحمر.
وترتب على سحب القوة المؤلفة من 200 جنديا، اتهام جيبوتي لإريتريا بتحريك قواتها إلى مناطق متنازع عليها، تمتد ما بين مرتفعات "رأس دميرة" وجزيرة "دميرة"، الواقعة في مضيق باب المندب، على البحر الأحمر.
وبعدها رفعت جيبوتي شكوى إلى الاتحاد الإفريقي ضد أريتريا، لجهة "احتلالها" جزيرة دميرة، فور انسحاب القوات القطرية، وهو ما رفضته جارتها، قائلة إنها لا تريد مواجهة.
ولملء الفراغ الذي خلفه انسحاب القوة القطرية، قال الاتحاد الإفريقي إنه سيرسل بعثة لتقصي الحقائق، وهو ما اعتبره دبلوماسي إفريقي، تحدث إلى الأناضول، دلالة على "اهتمام" المؤسسة القارية.
ولم يستبعد الدبلوماسي، الذي فضل حجب اسمه، أن يكون دافع هذا التحرك "السريع" إعادة الملف، الذي تمسك به قطر منذ 2008، إلى الاتحاد الإفريقي.
وكشف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فكي، عن مباحثات مع المسؤولين في إريتريا وجيبوتي، في إطار مساعيه لإرسال البعثة، مطالبا الطرفين بـ"ضبط النفس".
والخميس الماضي، اجتمع مفوض السلم والأمن الإفريقي، إسماعيل شرقي، مع نائب مندوب إريتريا في الاتحاد الإفريقي "بنيام برهي"، لبحث القضية، دون أن ترد تفاصيل.
وأرجع مسؤول إفريقي التصعيد بين جيبوتي وجارتها إلى الأزمة الخليجية، قائلا إن قطع إريتريا لعلاقتها مع قطر كان "رصاصة الرحمة" للاستقرار الذي شهده الشريط الحدودي.
وفي تعليقه للأناضول، ربط المسؤول، الذي رفض حجب اسمه، لكونه غير مخول له الحديث للإعلام، بين موقف أسمرا واستخدام الإمارات والسعودية لميناء عصب الإريتري، على الساحل الغربي للبحر الأحمر، في حربهما ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) باليمن.
وأشار أيضا إلى تقارير تفيد بعزم مصر، حليفة الرياض وأبو ظبي، بناء قاعدة ضخمة على إحدى الجزر الإريترية في البحر الأحمر.
لكن من شأن وساطة الاتحاد الإفريقي أن تفتح ملفات أخرى، لا سيما النزاع الحدودي بين إريتريا وإثيوبيا، الدولة المحورية في الاتحاد الإفريقي، إذ تستضيف مقره، وأغلب أنشطته.
ولأن استقلال إريتريا عن إثيوبيا في 1991، حرم الدولة الأم من منافذها على البحر الأحمر، باتت تعتمد في وارداتها وصادراتها على سواحل جيبوتي، بنسبة 90%.
وخلافا لإريتريا وجيبوتي، نأت أديس ابابا بنفسها عن الأزمة الخليجية، رغم استقبالها وفود سعودية وقطرية، خلال الأسابيع الماضية.
والأهم بالنسبة إلى الوساطة المٌحتملة، تعنت إريتريا في أوقات سابقة، ورفضها لعدد من قرارات الاتحاد الإفريقي، علاوة على غيابها عن قممه منذ 2002، بحجة إنحياز الأفارقة إلى إثيوبيا، خلال حربهما ما بين 1998 - 2000.
ومنذ الثلاثاء الماضي، بدأت تحضيرات القمة الـ29، على مستوى المندوبين الدائمين، وتلى ذلك اجتماعات المجلس التنفيذي، يومي الجمعة والسبت، وبدأت صباح اليوم الإثنين، مداولات الرؤساء ورؤساء الحكومة على ان تختتم القمة غدا الثلاثاء.