انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

تحليلات 10:49 17.06.2016

عندما يتابع المرء الأجواء التي تخيم على بريطانيا قبيل الاستفتاء على مستقبل عضويتها في الاتحاد الأوروبي، يجد أن الجسم السياسي البريطاني بات منقسماً إلى تيارين رئيسيين: الأول يدعو إلى «البقاء»، أي بقاء بريطانيا في الاتحاد، والثاني يدعو إلى «المغادرة» أي خروجها منه. ومع اقتراب موعد الاستفتاء في الثالث والعشرين من شهر يونيو( حزيران) الحالي، يشتد الصراع بينهما خاصة عندما يتطرق إلى القضايا الرئيسية التالية: السيادة والنظام الدولي، الهجرة والمهاجرين، التعاون الإقليمي، الإرهاب، الديمقراطية. 
بين الموضوعات المتعددة التي استأثرت باهتمام المشتركين في الجدال حول مستقبل بريطانيا في الاتحاد، خص المتناقشون مسألة أثر انسحاب بريطانيا المحتمل من الاتحاد على النظام الدولي. ونظراً لأهمية بريطانيا الدولية ولصلاتها التاريخية بالمنطقة العربية ولعلاقة هذا الموضوع بالأوضاع في المنطقة، فإنه يمكن القول إن لهذا النقاش والصراع بين التيارين الآثار المهمة في المنطقة العربية. ولسوف نلاحظ أيضاً أن للمواقف التي اتخذها التياران نتائج مهمة على صعيد المصالح العربية وعلى صعيد العلاقات الأنجلو-عربية.
إن الحض على «المغادرة» بحجة أن عضوية بريطانيا في الاتحاد تتناقض مع سيادة البلاد واستقلالها قد يكون في محله لو أن دعاة المغادرة يطبقون مبدأ التمسك بالسيادة والحفاظ كمعيار في علاقات بريطانيا مع سائر الدول والتكتلات الإقليمية في العالم. إلا أن تيار المغادرة يركز على العلاقات مع أوروبا، في نفس الوقت الذي يتجاهل فيه أمثلة عديدة على ثغرات مهمة في علاقات بريطانيا مع أطراف دولية أخرى وخاصة مع الولايات المتحدة. 
هناك ثغرات من هذا النوع في العلاقة مع حلف الأطلسي حيث تمارس الولايات المتحدة دور المهيمن، كما تذكر مجلة «فوربس» (دوغ باندو 22/04/2013) و يرفض الزعماء الأمريكيون توسيع مشاركة الدول الأوروبية في قيادة الحلف. هذا الدور المهيمن خاصة في مجال استخدام السلاح النووي الأطلسي، دفع الجنرال ديغول عام 1966، بصفته رئيساًَ للجمهورية الفرنسية، إلى إعلان انسحاب فرنسا من الهيئات المشتركة للناتو، وطلب نقل مقاراته القيادية إلى خارج الأراضي الفرنسية.
إلى جانب مثال «الناتو» هناك أمثلة عديدة أخرى على نزوع الولايات المتحدة إلى الهيمنة على الآخرين وعلى المنظمات الدولية والإقليمية. من هذه الأمثلة المهمة على هذا الصعيد دور الولايات المتحدة في مؤسسات بريتون وودز (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي) حيث ترفض واشنطن التخلي عن صلاحيات أعطيت لها عندما كانت في أوج قوتها الاقتصادية خلال الخمسينات، بينما تتمسك اليوم بهذه الصلاحيات من غير حق. وهناك ثغرات من نفس النوع على صعيد العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة كما ظهر أثناء الحرب على العراق عام 2013. فقد وجهت خلال الحرب انتقادات شديدة إلى رئيس الحكومة البريطانية لتبعيته المفرطة للرئيس الأمريكي جورج بوش.
إن تيار المغادرة لم ينتقد هذه الظواهر ولا طالب بتصحيحها كما يفعل الآن في موقفه من الاتحاد الأوروبي. هذا النهج في ازدواجية المعايير يدعو إلى الاعتقاد بأن الراغبين في المغادرة يفعلون ذلك لأسباب أخرى غير الخوف على السيادة القومية والحرص على الاستقلال. فما هي هذه الأسباب؟

يظن بعض المعنيين بالعلاقات البريطانية - الأوروبية أن أنصار المغادرة لا يمانعون في التنازل على قسط من سيادة بلدهم للولايات المتحدة حيث إنها تنتمي إلى نفس العائلة الأنجلو - سكسونية أو بالأحرى إلى «الشتات البريطاني» الذي يضم الولايات المتحدة وكندا وأوستراليا ونيوزيلندا، هذا فضلاً عن عدد من دول الكومنولث. ولكن أنصار المغادرة لن يقبلوا بمشروع أوروبي قد يتطور إلى ما لم يصرحه به علناً آباء المشروع مثل جان مونيه، أي إلى قيام كيان فيدرالي أوروبي يضم بريطانيا ككيان تابع للسلطات الفيدرالية.

ويعتقد بعض محللي مواقف دعاة المغادرة، أن فريقاً من هؤلاء لا يريد حماية سيادة بريطانيا من وجودها داخل الاتحاد الأوروبي سواء كان فيدرالياً أو حتى مجرد كيان فيدرالي. بل يعتقد هؤلاء المحللين أن هذا الفريق يذهب في موقفه تجاه الاتحاد إلى حد معارضة استمراره حتى ولو خرجت منه بريطانيا، أي العودة إلى الستينات عندما كانت بريطانيا تسعى إلى قيام منطقة تجارة حرة قارية مناوئة للسوق الأوروبية المشتركة. وحتى في هذه الحالة فإن الهدف لن يكون إنجاح المنطقة البديلة بل عرقلة نهوض المشروع الأوروبي.
إن إضعاف الاتحاد الأوروبي سوف يساهم في تقوية الدعوة إلى ترسيخ الطابع الآحادي للنظام الدولي، أي التسليم بالزعامة الأمريكية له، وبالتالي في تخويل الولايات المتحدة المزيد من حرية الحركة على الصعيد الدولي كشرطي العالم، وكحكومة عالمية يحق لها اختراق السيادات الوطنية. سوف تكون الدول العربية من أوائل الخاسرين إذا ترسخت الآحادية الدولية بدلاً من التعددية. ولسوف تخسر هذه الدول ثلاث مرات: الأولى لأنها تتراوح بين الدول المتوسطة والصغيرة بحيث لا تملك القدرة على تعزيز مكانتها في مواجه القوى الكبرى. وثانياً لأن القوى الكبرى تتبع سياسة محابية ل «إسرائيل» على حساب الدول العربية، وثالثاً لأن الدول العربية تخلت تدريجياً عن واحد من أهم العوامل التي مكنتها من اكتساب شيء من الاحترام في المجتمع الدولي ألا وهو النظام الإقليمي العربي.

 د. رغيد الصلح

alkhaleej

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

كتائب القسام تعلن قتلها 15 جندياً إسرائيلياً شرق رفح
15:00 18.05.2024
جنوب إفريقيا نرفض الاتهامات الإسرائيلية للمؤسسات الأممية
14:00 18.05.2024
أرمينيا تؤكد التزامها بالسلام الدائم والمستقر في القوقاز
13:00 18.05.2024
تشاد تحديات عديدة أمام ديبي بعد انتخابه رئيسا للبلاد
12:00 18.05.2024
بوتين يسعى إلى تعاون أكبر في مجال الطاقة مع الصين
11:00 18.05.2024
المركزي التركي يتوقع تراجع التضخم وسعر الصرف
10:00 18.05.2024
أردوغان يصدر عفواً صحياً عن جنرالات انقلاب 28 فبراير
09:00 18.05.2024
نضال سليم : سبب مشكلة الجفاف العالمية هي زيادة الطلب علي المياه
17:33 17.05.2024
ماذا يحدث في جنوب القوقاز؟
17:00 17.05.2024
خبير سياسي : الاتحاد الأوروبي يسعي إلي السيطرة علي المنطقة
16:00 17.05.2024
خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
جميع الأخبار