يقطن الموصل طيف هائل من الأقليات الإثنية والدينية، فإلى جانب العرب والكرد والتركمان، هناك أيضاً أقليات دينية من النصارى واليزيديين والشاباك والكاكاي. إن الطريقة الوحيدة لوقف الصراع في سوريا وفي العراق، والطريقة الوحيدة لمنع وحش الدولة من التولد من جديد وبشكل مستمر ولا نهائي، هو ضمان أن الموصل المحررة تحتفظ بنفس التوازن الإثني والعقدي الذي اتسمت به قبل أن يسيطر عليها تنظيم الدولة. وكذلك من خلال ضمان أن جميع العراقيين أياً كانت معتقداتهم أو أعراقهم السبيل أمامهم مفتوح للمشاركة في السلطة وللتمتع بالحماية التامة، وكذلك بحق اختيار من يرونه صالحاً من قياداتهم السياسية.
بكل وضوح، لن يتم بناء عراق جديد على أنقاض هذه المدن، بل قد يكون المآل بديلاً عن ذلك هو تشكل واقع حضري جديد ناجم عن التطهير العرقي.
لا أحد يعرف يقيناً مدى استحكام مقاتلي تنظيم الدولة داخل المدينة، ولا أحد يعلم يقيناً كم سيستغرق القتال من أجل استعادة الموصل وكم من الأبرياء سيقضون نحبهم قبل أن تستكمل استعادتها. إذا ما اعتبرنا تجربة استعادة السيطرة على كل من تكريت والفلوجة نموذجاً، فإن المعركة الحقيقية على الموصل ستبداً حينما يتوقف القتال. إن استعادة الموصل وحدها لن تحدد نتيجة هذه الحرب، وإنما سيحددها إعادة تقطين الموصل.
علي الجبوري