على الرغم من مضي 99 سنة على الاستقلال في 28 مايو نذكر دائماً هذا الاستقلال ونعيده في بالنا. في الحقيقة كان هذا العهد من أمجد عهود تاريخنا للقرن العشرين. لأنه في هذا العهد كان شعبنا يمتلك الأراضي بمساحة 114 ألف متر مربع ووجدت مشكلة قاراباغ المزعومة حلها فيه. طبعاً عدد الإنجازات التي أحرزنا في ذلك العهد أكبر بكثير. ينطلق الباحثون لهذا العهد في دراساتهم من الأحداث التاريخية ومستندات الأرشيف.
يعني، انهار مجلس (سيم) القوقاز الجنوبية وأعلنت الجمهوريات الثلاث استقلالها وإلخ. ولكن يتجاهل الباحثون مقاماً وهو: شيمة هؤلاء المؤسسين الذين أعلنوا هذا الاستقلال وكيفية مزاياهم الشخصية؟ حيث أن الكثير من العوامل لهذا الحادث التاريخي الكبير كانت مرتبطة بسلوكهم وشيمتهم وقدرتهم على الوحدة من أجل الوطن والاستقلال.
في الحقيقة، هناك معلومات قليلة عن مزايا إنسانية للذين أعلنوا الاستقلال في 28 مايو وحققوه. أصلاً نجم الاستقلال في 28 مايو من شيمة هؤلاء الناس وتحول إلى صفحة ذهبية لتاريخنا.
فيما يلي معلومات عن شخصية صانعي الاستقلال في 28 مايو وأنهم الذين أعلنوا استقلال أذربيجان وأسسوا جمهورية والجمهورية التي تكون قدوة للعالم تقتدى بها. والذين بنوا مثل هذه الجمهورية يجب أن يكونوا سالمين وعازمين وراسخين في الشيمة والطبيعة والشخصية. لنتعرف على هؤلاء الزعماء عن كثب:
محمد أمين رسول زاده – رئيس الشورى الوطني لأذربيجان والمفكر الإيديولوجي لحركة التحرير الوطني:
المقام الأول: توفى الابن الشاب لمحمد أمين رسول زاده في عام 1918. كما كتب محرر صحيفة "أذربيجان" بالوكالة في ذلك الوقت خليل إبراهيم أنه تمكن من حضور الحداد لابنه لمدة ساعة واحدة فقط وذلك بسبب ضرورة حضوره في الاجتماع بخصوص القضية الأذربيجانية في تيفليس (تبيليسي حالياً).
المقام الثاني: أعتقل محمد أمين رسول زاده في عام 1920 وحتى طالب البعض من البلاشفة اعدامه رمياً برصاص. وفي هذا الوقت جاء الزعيم السوفيتي المعروف إيوسف ستالين ليخرجه من المعتقل. وقال رسول زاده له إنى كنت استعد لقلب حكمكم. لأنكم احتللتم مملكتنا. وكان محمد أمين رسول زاده يفكر عن الوطن بالرغم أنه معرض للقتل ولم يطلب من ستالين إنقاذه.
المقام الثالث: بعثت السلطات السوفيتية مبعوثاً إلى محمد أمين الذي كان في الخارج واقترح له وقف الكفاح والعودة إلى أذربيجان ووعد ضمان الحياة الهادئة والمريحة له. ولكنه رفض هذا وقال: "طالما لم يترك الجندي الروسي الأخير أراضي وطني أنا سأواصل كفاحي".
نسيب بيك يوسفبيلي – رئيس الوزراء في عهد جمهورية أذربيجان الشعبية:
المقام الأول: من الرسالة التي بعث والده له عندما كان يترأس الحكومة في البلاد: "ولدي العزيز، صبرت كثيراً ولكن قررت اخاطبك. تحملت الفقر واستدنت ومكنت لك من التعليم الجامعي. وأتممت دراستك وعدت إلى البيت وعينوك في منصب المسئول عن التموين للمدينة. ولكن عيشت تحت حمايتي. ثم ذهبت إلى تفليس ليكون وزيراً للتعليم وراتبك لا يغطي احتياجاتك. عدة مرات طلبت مني النقود بعثتها لك ثم أعلن استقلال جمهورية أذربيجان وأصبحت وزيراً للتعليم. اشتعلت في باكو. ولم تغط رواتبك احتياجاتك وبعثت لك النقود. وقد بعت جزءاً من أراضينا وبعثت النقود كلها لك. واليوم أنت رئيس الوزراء : يمكن أن نقول أنت رئيس الدولة، حاكم البلاد. هل علي أن أبيع ما بقي من مزرعتنا؟"
المقام الثاني: عقب احتلال أذربيجان قتل نسيب بيك يوسيفبيلي في طريق من بلدة ييفلاخ إلى بلدة كردأمير من قبل البلاشفة. كان يحمل حقيبة صغيرة وفكر القتلة أنه يحمل معه النقود والذهب وعندما فتحوا الحقيبة لم يجدوا فيها إلا ملابسه الداخلية وفرشة الأسنان. وأنهم استغربوا كثيراً: كيف هذا وهو رئيس الوزراء لم يأخذ من حزنة الدولة أي مبلغ!
على مردان بيك توبتشيباشيف – رئيس البرلمان
المقام الأول: كان علي مردان بيك توبتشيباشيف يعيش في المهجر في بولاند ويعاني من الفقر ووعدته الحكومة البولندية الراتب بمبلغ 100 دولار شهرياً. ومضت الفترة المعينة ولم تصله النقود وعلى الرغم من معاناته وحفاظاً على نفسه الأبية وشرفه بعث علي مردان بيك توبتشيباشيف الرسالة إلى المسئول البولاندي تاديوش كولوبكوف وجاء فيها: "لا تعني هذه الرسالة أنني أطلب منكم الراتب الذي وعدتم لي. وغرض رسالتي هو عليكم أن تعرفوا أنني أرفض استلام هذا الراتب."
المقام الثاني: على الرغم من أن الوضع المالي لعلي مردان بيك توبتشيباشيف كان معقداً جداً أنه لم يصرف أي شيء من المبلغ المخصص لتعليم الطلبة الأذربيجانيين وحافظ عليه.
الختام: كان هؤلاء الأشخاص أصحاب الشيمة العالية والإرادة القوية. وكانوا الأقوياء من ناحية المواقف السياسية. لم يسمحوا للضعف أو البكاء والشكاوي أن تهيمن على طبيعتهم. وكانوا يبحثون الدعم للجمهورية التي أسسوها في أنفسهم وفي شعبهم عموماً وليس في تقديم الشكاوي إلى القوى العظمى. وننهي هذا المقال بما كتب محمد أمين رسول زاده من الأفكار التي تكشف عن طبيعتهم وشيمتهم: "البكاء يعني شيئاً ما في الأحداث الدينية لضمان راحة الإيمان والروح ولكنه لا فائدة منه في الشئون العالمية. والطبيعة قاسية جداً ولا رحمة لها. وأنها لا تهتم بالدموع ولا يهمها الضحك ولا البكاء. وخاصةً لا تحب البكاء تماماً. والطبيعة عدو لدود للضعفاء. وأنها تحمي الأقوياء وتهلك الضعفاء- هذا هو سلوك الطبيعة".