تركز كل اهتمامها على دورة الالعاب الاولمبية الشتوية ال23 و دورة البارأوليمبية ال12 في بيونغ تشانغ في فبراير من هذا العام. سيحمل أفضل الرياضيين في العالم أعلامهم الوطنية في حفل الافتتاح الذي أصبح تجسيداً للمجتمع الدولي. ينتظرالرياضيون هذه الدورة للألعاب الأولمبية بفائق الصبر، لأن هذه المرة هناك أسباب للتفاؤل الحذر بأن الدبلوماسية الرياضية قد تساعد في تخفيف حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وسيشهد القادة السياسيون والدبلوماسيون والمواطنون من جميع أنحاء العالم كيف يسير الرياضيون من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية جنبا الى جنب. يتكون، بالمناسبة، اسم مدينة بيونغ تشانج من كلمتين تترجمان ك"السلام" و"الازدهار".
وتجذب الألعاب الأوليمبية والبارأوليمبية الناس من جميع أنحاء العالم وتعزز الوحدة. والهدف من الألعاب الأولمبية، وفقا للميثاق الأولمبي، هو "تطوير الرياضة لخدمة التنمية المنسجم للبشرية من أجل بناء المجتمع الذي يسود فيه السلام ويضمن الحفاظ على كرامة الإنسان". والهدفان الرئيسيان هما تحقيق السلام والتنمية المستدامين وتعد بيونغ شانغ السلام والازدهار.
وقد ساهمت أول الدورة الأولمبية فى كوريا الجنوبية والتي عقدت عام 1988 فى تنمية العلاقات بين الدول فى فترة التحولات الجيوسياسية السريعة. في هذه المباريات، شارك العديد من البلدان، بما في ذلك وفود كبيرة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وقد أدى الأولمبياد الى اقامة العلاقات الدبلوماسية لكوريا الجنوبية مع الدول المجاورة مثل الاتحاد السوفيتي والصين. وانضمت جمهورية كوريا إلى عضوية الأمم المتحدة في عام 1991.
كما شهدت دورة الالعاب الاوليمبية تحولاً فى اقتصاد كوريا الجنوبية. وتعرف هذه الحقيقة ب"المعجزة على نهر خان". على مدى العقد الذي أعقب المباريات، نما اقتصاد البلاد بمعدل 8.5% سنوياً، مما تحول البلاد من البلد متلقي المساعدات إلى أكبر مانح لها. لم يكن التحسن المادي في حياة المواطنين في كوريا الجنوبية أقل من معجزة. ففي الفترة من عام 1960 إلى عام 1995، زاد نصيب الفرد من الناتج المحلي العام بأكثر من مائة ضعف، مما أدى إلى القضاء الفعلي على الفقر المدقع، وخفضه إلى 5 %.
وترتبط هذه المعجزة بالقيمة الرئيسية الأخرى للألعاب الأولمبية والأمم المتحدة وهي التعاون الدولي. وقد نجحت كوريا الجنوبية في الجمع بين المساعدة الدولية والتجارة الدولية والاستثمارات الدولية مع براعتها. وأظهرت للعالم أنه من الممكن تحويل بلد ذي اقتصاد زراعي إلى منتج تكنولوجي وثقافي دينامي في جيل واحد.
ظهرت المشاكل الاجتماعية والبيئية أيضا إلى جانب التحولات الاقتصادية السريعة وهذا في البداية. في السنوات الأخيرة، رأينا نشاهد اتخاذ كوريا الجنوبية خطوات إيجابية نحو تحسين السياسة البيئية والاجتماعية. إن إدماج الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية هو حجر الزاوية في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. وتظهر كوريا الجنوبية مرة أخرى للعالم سبل تحقيق الرخاء الشامل والمستدام.
وأصبحت كوريا الجنوبية الآن عضواً قيماً للمجتمع الدولي، مما خلق ظواهر ثقافية يقدرها الشباب من جميع أنحاء العالم. كما يلعب البلد دوراً رائداً في الأمم المتحدة، ويساهم إسهاماً كبيراً في مساعدة البلدان النامية. ويمكن للألعاب الأوليمبية أن تدعم الدبلوماسية الثقافية والسياسية والاقتصادية في الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والحفاظ عليه.
والقرار المتعلق بالهدنة الأولمبية الذي اعتمدته الأمم المتحدة كفرصة لاستخدام هذا الحدث الهام في الألعاب الرياضية الدولية من أجل تحقيق السلام الشامل. ويدعو القرار جميع الدول الى الالتزام بالظروف السلمية خلال الالعاب الاولمبية والبارأوليمبية.
إن فتح حوار مباشر بين البلدين في شبه الجزيرة الكورية بعد دورة الألعاب الأولمبية لعام 2018 يدل على الالتزام بالسلام والازدهار. وأتمنى لكوريا الجنوبية مستقبلا واعدا ونجاحا في جهودها الرامية إلى ضمان السلام والازدهار الدائمين.
---------------
الدكتورة شمشاد أختر هي نائب الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ.