دخل مانويل فالس رسميا الإثنين حلبة المنافسة على منصب رئيس فرنسا في الانتخابات المزمع إجراؤها العام 2017. لكن إذا أراد فالس أن يكون مرشح اليسار لهذه الانتخابات فعليه أولا أن يمر عبر الانتخابات التمهيدية التي ينظمها الحزب الاشتراكي، انتخابات تبدو صعبة لمرشح تميز بشق الصف داخل حزبه.
أربعة أيام على إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عدم ترشحه لولاية رئاسية ثانية، أعلن مانويل فالسالإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول من معقله الانتخابي في ضاحية إيفري الباريسية وأمام عدد كبير من أنصاره ترشيح نفسه في الانتخابات التمهيدية لليسار لاختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2017.
ففالس لم يخف خلال الأسابيع الأخيرة رغبته في الانضمام إلى السباق نحو قصر الإليزيه، مع احتفاظه دوما بدور المخلص للرئيس هولاند.
فالس مرشح يحمل عبء أخطاء هولاند
رئيس الوزراء، الذي قدم استقالته الثلاثاء، يتهمه خصومه بتفتيت الأغلبية البرلمانية وبث التفرقة داخل أسرته السياسية عبر توجيه سهامه إلى الجناح اليساري داخل الحزب الاشتراكي واتخاذ مواقف مضادة له في القضايا التي تخص الغجر ونزع الجنسية عن الإرهابيين والعلمانية وتأييد منع ارتداء البوركيني، وكذلك استخدام مواد استثنائية لتمرير قانوني ماكرون (لإنعاش الاقتصاد) والخمري (قانون العمل(.
إعلان فالس المتأخر دخول الانتخابات التمهيدية لليسار لم يترك له إلا القليل من الوقت لحشد الأنصار داخل الحزب الاشتراكي، وهو أمر صعب جدا نظرا لأنه لم ينجح أبدا في خلق أية قاعدة له داخله، فالكثير من أنصار الحزب يقارنونه بساركوزي من جهة الطموح، فهو لم يخف أبدا رغبته في الوصول لكرسي الرئيس، وكذلك مزاجيته السياسية فهو بلا شك رجل سياسة يفرق ولا يجمع.
في الانتخابات التمهيدية الماضية للحزب الاشتراكي العام 2011 لم يحصد فالس إلا 5,63 بالمئة من الأصوات وذلك نتيجة مواقفه التي حكم معظم الأعضاء بميلها كثيرا ناحية اليمين، وهو فشل سياسي آلمه كثيرا في ذلك الوقت لكنه لم يمنعه من مواصلة صعود السلم السياسي.
إحدى أهم نقاط ضعفه اليوم هي ارتباطه بالبرنامج الليبرالي الاجتماعي للرئيس المنتهية ولايته، ولأنه ليس لديه خيار آخر فإنه سيستمر في الدفاع عن هذا البرنامج الذي لم يحقق أية نتائج على المستوى الاقتصادي للبلاد ولم ينجح في الحد من نسبة البطالة وساعد على ارتفاع أسهم "الجبهة الوطنية" المتطرفة بين الفرنسيين.
غياب مرشحي الوزن الثقيل
بيد أن فالس يعول كثيرا على عدد من الميزات التي أتاحت له دخول السباق حتى لو كانت حظوظ اليسار في البقاء في قصر الإليزيه لخمس سنوات أخرى قادمة تتضاءل يوما بعد يوم. أحد هذه الميزات هو تيقنه من عدم وجود أي مرشح له نفس الحجم يمكنه منافسته في خطوة أولى، وبعدها منافسة مارين لوبان وفرانسوا فيون.
غياب المنافسة من أمام فالس ستساعده على تسويق نفسه كسياسي صاحب خبرة وملتزم بمبادئ الدولة، وكأمل وحيد لإنقاذ يسار رث وبال أمام يمين في فورة نشاطه اليوم ويمين متطرف يخطو إلى الأمام يوما تلو آخر.
وحتى إذا لم ينجح فالس في تقديم نفسه كوريث لفرانسوا هولاند فهو لا يزال يجسد صورة اليسار الحديث والإصلاحي في وجه مرشحين من اليسار التقليدي. كما أن ترشح فالس يمكن أن يوحد خلفه رموزا مهمة في الحزب قد تفقد مكانتها برحيل فرانسوا هولاند مثل وزير الدفاع جان-إيف لودريان وبرنار كازنوف الذي خلفه في رئاسة الوزراء وكذلك ميشيل سابان وزير الاقتصاد
أخيرا فإن فالس الذي واصل دفاعه عن خط سياسي واحد ومعروف ومحدد طيلة تجربته السياسية يتمتع بشعبية كبيرة ومؤكدة. فآخر استطلاعات الرأي تضعه على رأس الأوفر حظا في الفوز بالانتخابات التمهيدية وحتى قبل وزير الاقتصاد السابق أرنو مونتبور. كما أن استطلاعا آخر أجري في 4 ديسمبر/كانون الأول وقبل الإعلان الرسمي عن ترشحه للرئاسيات أظهر حصوله على 45 بالمئة من أصوات المتعاطفين مع اليسار و61 بالمئة من الناخبين الاشتراكيين. بينما أوضح استطلاع آخر أجري نهاية نوفمبر/تشرين الثاني أن 74 بالمئة من الفرنسيين يفضلون رؤية فالس كمرشح لليسار في الانتخابات الرئاسية 2017 عن رؤية فرانسوا هولاند.