يبدو أن السلام لن يحل قريبا في أفغانستان؛ فالولايات المتحدة مصرة على الصدام، بينما تسبقها قوى أخرى لتعزيز نفوذها، كما تهدد حركة طالبان منذ شهرين بالرد المسلح على مقترح السلام الذي عرضه الرئيس الأفغاني أشرف غني.
ومع استمرار تحدي طالبان للولايات المتحدة عبر عملياتها التفجيرية، ينافسها تنظيم الدولة الإسلامية باستهداف المواطنين الشيعة، يؤكد عجز الولايات المتحدة وقوى الأمن الأفغاني بعد 17 عاما من الغزو الأميركي لأفغانستان.
ويُسهم تنظيم الدولة في تشريع تواجد روسيا وإيران في أفغانستان، كما هي الحال في سوريا، وتعزز عملياته أيضا الفتنة الطائفية، فضلا عن التشكيك في شرعية الحكومة الأفغانية التي باتت عاجزة عن حماية الشعب.
وأعلن الشيعة الأفغان مؤخرا -عقب تعرضهم لهجوم من تنظيم الدولة في مركز انتخابي- أنهم فقدوا الأمل في الحكومة، وباتوا مضطرين للتسلح لضمان أمنهم بأنفسهم، بينما يخشى محللون من أن تسهم الهجمات في تقوية روابط إيران مع الشيعة الأفغان.
من جانب آخر، قدمت روسيا السلاح لعدو الأمس، حركة طالبان، وشاركته معلومات استخباراتية في إطار محاربة تنظيم الدولة، رغم أن هذا الأمر لم ينل رضا الحكومة الأفغانية.
كما يزداد تقارب روسيا مع باكستان، حيث عُقد اجتماع بين البلدين على مستوى مستشاري الأمن الوطني الشهر الماضي، إذ تسعى باكستان لمواجهة الضغوط الأميركية عبر توثيق علاقاتها مع الصين وروسيا.
بدورها، تسعى الصين لضمان أمن مشروع "الطريق والحزام"، الذي تهدف من خلاله إلى إقامة علاقات اقتصادية مع دول العالم، ومن المرجح أنها ستحاول دمج أفغانستان في مشروعها، مع إسناد حماية الطريق إلى الجيش الباكستاني.
أما بريطانيا فتميل إلى محاورة طالبان على عكس الأميركيين، كما تدعو لاتخاذ خطوات سياسية واجتماعية وتنموية بالمنطقة بعد ضرب تنظيم الدولة.
وهكذا تجد الولايات المتحدة نفسها وحيدة في أفغانستان، وقد تواصل الغوص في هذا المستنقع ما لم تقتنع بأن الحل يكمن في الجلوس على طاولة الحوار مع طالبان، وفي تحديد جدول زمني للانسحاب، فضلا عن التفاهم مع باكستان والصين.