كانت زيارة الصحفيين الإسرائيليين لأذربيجان مثمرة ومشبعة. على الرغم من الوضع الجيوسياسي المعقد، فإنه بين إسرائيل وأذربيجان شراكة قوية وموثوقة. وهناك الحوار السياسي بين الدولتين على أعلى مستوى، وبلغ حجم التبادل التجأريه السنوي 3.5 مليار دولار، وقطاع الطاقة هو ركيزة واستراتيجية أساسية لهذه العلاقات.
كتب الخبير الإسرائيلي المعروف في مجال العلاقات الدولية أريه غوت عن ذلك في صحيفـــة The Jerusalem Post الصادرة بالإنجليزية في مقاله "الصراع الأرمني الأذربيجاني: زيارة الصحفيين الإسرائيليين لخط التماس".
يشير مؤلف المقال إلى أنه نظرًا لحقيقة أن حوالي 90% من سكان أذربيجان هم من المسلمين الشيعة وأن الإسلام هو الدين الرسمي، فأن النظام السياسي في البلاد علماني تماماً.
صرح وزير الخارجية الأذربيجاني إيلمار محمدياروف في في المؤتمر الصحفي: "في سياق كون بلدنا جزءاً من العالم الإسلامي، فإن أذربيجان اليوم تتمتع بعلاقات إيجابية وبناءة للغاية مع إسرائيل في مجال التجارة والطاقة والاقتصاد. أذربيجان مهتمة بالحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل. منذ الفترة التأريهخية الطويلة عاش اليهود في سلام ووئام في أذربيجان مع الأغلبية المسلمة، وما زالت هناك العلاقات القوية بين اليهود المقيمين في أذربيجان وإسرائيل اليوم. "
أكد وزير الخارجية الأذربيجاني أيضاً أن "أذربيجان موطن لجماعات عرقية ودينية أخرى، بما في ذلك الطوائف المسيحية واليهودية. حتى عندما اندلع النزاع الأرمني الأذربيجاني في قاره باغ الجبلية قبل حوالي 30 عاماً، تواصل المجتمع الأذربيجاني في الحفاظ على السلام والوئام بين الجماعات العرقية".
يشيد أريه غوت بأنه خلال زيارته إلى باكو وهي العاصمة وأكبر مدينة في البلاد، شاهدنا وزارنا مسجد "حيدر" الذي يصل ارتفاع كل من 4 مآذن فيه إلى 95 متراً. يكتب الخبير الإسرائيلي "في هذا المسجد الرائع، قابلنا الإمامان من الشيعة وسنة. كما التقينا ممثلين عن الطوائف الدينية المختلفة، بمن فيهم رئيس يهود الجبل في أذربيجان مليح يفداييف ورئيس الكنيسة الألبانية – للطائفة الأودينية روبرت موبيلي. وقالوا لنا: يمكن أن يسود الاحترام والانسجام على العلاقات بين المنتمين إلى جميع الأديان".
وقال روان حسنوف، رئيس مركز باكو الدولي للتعددية الثقافية: " يعود سبب نجاح هذه العلاقات إلى أن أذربيجان كانت دائماً مكانًا فريدًا للتعددية الثقافية".
علي حسنوف، مساعد رئيس أذربيجان في القضايا الاجتماعية والسياسية
الصراع الأرمني الأذربيجاني
يؤكد مؤلف المقال على أن انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 كان بمثابة اختبار حقيقي للتقاليد الأذربيجانية المتمثلة في التسامح والتعددية الثقافية. "في ذلك الوقت، غزت جمهورية أرمينيا واحتلت حوالي 20 % من الأراضي الأذربيجانية، بما في ذلك قاره باغ الجبلية وسبع مناطق متجاورة. ونتيجة لهذه الحرب غير المعلنة، قُتل حوالي 30 ألف أذربيجاني وأصبح حوالي مليون أذربيجاني لاجئين ومشردين داخلياً في أراضيهم. تشكل تصرفات أرمينيا المرتكبة باستخدام العنف والقسوة، فضلاً عن أعمال الإبادة الجماعية، واحدة من أعظم المآسي التي وقعت في نهاية القرن العشرين، وتجدر الإشارة هنا إلى أعمال الإبادة الجماعية في بلدة خوجالي. ونتيجة لذلك، قُتل 613 أذربيجانياً في إحدى الليالي، وجُرح 487 وأصبح 1275 مدنياً رهينة، والذنب الوحيد لهؤلاء الأشخاص هو أنهم من الأذريين.
يشير الخبير الإسرائيلي إلى أننا كنا من بين الصحفيين الإسرائيليين والأجانب القلائل الذين زاروا المنطقة الأمامية - منطقة التماس العسكرية مع الأراضي الأذربيجانية المحتلة من قبل أرمينيا منذ أكثر من 27 عاماً. "قبل ثلاث سنوات فقط ، كانت هذه الأماكن التي وقفنا فيها وشاهدناها مواقع عسكرية. لقد تعلمنا أن الجيش الأذربيجاني قد ردت في أبريل 2016 على الاستفزاز العسكري لأرمينيا، ليضمن سلامة مواطني البلاد بمهاجمة القوات المسلحة لأرمينيا.
قمنا بزيارة النصب التأريهخي"ماراغا" (Maraga) والذي أقامهه الأرمن في قرية ماراغا في إقليم تيرتر في عام 1978 بمناسة الذكرى ال150 لنقل الأرمن من إيران إلى هذا الجزء من أذربيجان. لقد أوضحوا لنا أنه عندما اندلع النزاع الأرمني الأذربيجاني في قاره باغ الجبلية في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، دمر الأرمن هذا النصب. وقال أريه غوت: "تمت إعادة ترميم هذا النصب وحمايته كدليل على أن قاره باغ الجبلية من أراضي أذربيجان التأريهخية القديمة".
يشدد أريه غوت على أنه خلال الزيارة التي قمنا بها إلى تيرتر وجوجوغ مارجانلي، التقينا ضباط وجنود الجيش الأذربيجاني الذين قالوا إن أذربيجان تتمتع التفوق العسكري الكامل على أرمينيا، سواء في الأفراد أو في الأسلحة. "عندما قمنا بزيارة جنود على تل لالا تابه (Lele Tepe) ونظرنا إلى هذا الوادي، أدركنا أن لالا تابه له هيمنة كاملة على منطقة شاسعة. خلال المعارك الجارية في عام 1993، استولت القوات المسلحة الأرمنية على هذه القمة الجبلية وخلقت موقعاً محصناً ولكن قام الجنود والضباط الأذربيجانيون بتحرير المجمع المحصن في معركة قصيرة ولكنها صعبة، وأوضح لنا الجنود والضباط بالتفاصيل كيف بدأ القتال من جديد وكيف تم تحرير لالا تابه مرة أخرى من القوات المسلحة الأرمنية. كما تبين الخبرة أن الطرف الذي لديه وسائل تكنولوجية متطورة لدعم العمليات العسكرية هو الذي ينتصر في الحروب الحديثة. ويكفي الإشارة إلى الاستخدام الفعال للطائرات المسيرة إسرائيلية الصنع ضد المحتلين الأرمن خلال عملية أبريل 2016، ويمكن التحدث عن هذا لفترة طويلة جداً " .
الاجتماع مع نائب وزير الدفاع الأذربيجاني
قال نائب وزير الدفاع الأذربيجاني، الفريق كريم ولييف "إن المنظمات الدولية تعتمد الازدواجية فيما يتعلق بالصراع الأرمني الأذربيجاني في قاره باغ الجبلية. يجب أن نزيد من مستوى الاستعداد والقدرة القتالية للجيش الأذربيجاني لكي نكون مستعدين لتحرير الأراضي التي تمثل أرضنا التاريخية، إننا لا نريد إراقة دماء، لكن جيشنا قادر على تحرير الأرض إذا فشلت جميع الوسائل الأخرى لحل النزاع.
وتواصل الجنرال كريم ولييف حيجيثه قائلاً إن المواجهة التي وقعت في أبريل 2016 تدل على أنه يمكن حل هذا النزاع ، وتؤيد أذربيجان التوصل إلى تسوية سلمية تستند إلى قواعد ومبادئ القانون الدولي. ومع ذلك، إذا لم يتم حل المشكلة سلمياً، فسنستخدم حقنا في ضمان سلامتنا الإقليمية بوسائل أخرى. وقال نائب وزير الدفاع الأذربيجاني أيضاً: "إن الجيش الأذربيجاني مستعد لضمان تحرير الأراضي المحتلة من العدوان الأرمني".
لقاء أطفال إقليم تيرتر الأذربيجانية المعانين من نيران القوات الأرمنية المتواصلة.
أشاغي عبد الرحمنلي
يشير أريه غوت إلى أنه خلال زيارتنا لقرية أشاغي عبد الرحمنلي واجهنا صورة حزينة وقاسية للدمار من نتائج العدوان الأرمني: تدمير المنازل والمدارس ورياض الأطفال والأرض المحروقة - وهي قرية أشباح يبدو أنه قد توقف الوقت والحياة فيها.
"أخبرنا صديقي وأحد شيوخ هذه القرية أوميد ميرزوييف عن مصير قريته التي دمرتها القوات المسلحة الأرمنية: " في قريتي الأصلية نرى أنقاض المنازل والمدارس المروعة التي دمرت وأحرقتها خربتها القوات الأرمنية. لقد دمروا ودنسوا مقابرناودمروا قبور أقاربي. يمكنكة أن تروا بأنفسكم كيف يطلقون النار المركز الذش يستهدف الصور على القبور، كما لو كانوا يخشون حتى أولئك الأذربيجانيين الذين انتقلوا إلى العالم الآخر. هذا يوضح الغضب والكراهية والاستياء من الغزاة والمحتلين الأرمن ".
في مواصلة زيارتنا إلى قرية الأشباح هذه التي دمرتها القوات المسلحة الأرمنية أضاف أمود ميرزوييف قائلاً: "كانت مدرستي هنا، وكان منزلي هنا، وكانت أكثر الحقول خصوبة مع العنب اللذيذ والحلوة هنا. والآن تحولت هذه الحقول الخصبة إلى حقل ألغام. قال السيد أومود: "لقد نفّذت وصية والدي الأخيرة وقبل وفاته طلب مني أن أدفنه في قريتنا وفي أرضنا وقد فعلت ذلك".
جوجوغ مارجانلي
علاوة على ذلك، قام أرييه جوت والصحفيون الإسرائيليون بزيارة قرية جوجوغ مارجانلي الشهيرة. وهي ضحية أخرى للاحتلال الأرمني. قال الخبير الإسرائيلي "قيل لنا إن هذه القرية الأذربيجانية دمرها المحتلون الأرمن، ولكن بعد هزيمة القوات المسلحة الأرمنية هناك، استعادت القيادة الأذربيجانية القرية. يطلب الأذربيجانيون من العالم أن يعرف المزيد عن احتلال الأراضي الأذربيجانية ومشاكل الملايين من اللاجئين والنازحين. إنهم يريدون من العالم أن يعرف عن الكارثة الرهيبة التي حلت بالشعب الأذربيجاني نتيجة للاحتلال الأرمني، وكذلك رغبة الشعب الأذربيجاني في العودة إلى أراضيه لاستعادة وتأهيل هذه الأراضي".
يلاحظ مؤلف المقال أنه من الحقائق اليوم أن أذربيجان دولة قوية ومستقلة ودولة رائدة حقيقية في منطقة جنوب القوقاز. بفضل مختلف مشاريعها الجيوسياسية و الجيواقتصادية، تساعد أذربيجان على توسيع حدود السلام والازدهار في المنطقة وخارجها.
الاجتماع مع علي حسنوف
علي حسنوف، مساعد رئيس أذربيجان في القضايا الاجتماعية والسياسية، يقدر تقديراً عالياً العلاقات الاستراتيجية لجمهورية أذربيجان مع دولة إسرائيل.
وقال علي حسنوف: "تتعاون إسرائيل وأذربيجان بنجاح وفعال في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية الاستراتيجية. كان بنيامين نتنياهو خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء أول رجل دولة إسرائيلي رفيع المستوى زار أذربيجان عام 1997 والتقى بالزعيم الوطني لأذربيجان حيدر لقد بدأت العلاقات الخاصة بين بلدينا تتطورعلى وجه التحديد بعد هذه الزيارة التاريخية".
"ثم، في ديسمبر 2016، قام رئيس الوزراء نتنياهو بأول زيارة رسمية لأذربيجان والتي أظهرت رغبة البلدين والزعيمين في تعزيز وتوسيع الشراكة الاستراتيجية بين باكو وتل أبيب. نحن ندرك ونقدر الدفء والاحترام لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين باحترام لأذربيجان ورئيس بلادنا إلهام علييف ".
أود أيضاً أن أشير إلى أن 65% من النفط المستهلك في إسرائيل يأتي من أذربيجان التي تعد أهم مشتر لمنتجات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية. يعمل المتخصصون الإسرائيليون ويعملون في مجالات مختلفة لسنوات عديدة في أذربيجان.
في إسرائيل جالية أذربيجانية مؤثرة مندمجة جيدًا في المجتمع الإسرائيلي، ويمثل بلدنا في إسرائيل بكرامة واحترام. تربط العلاقات المختلفة، بما في ذلك العامل الإنساني الجاليات اليهودية في باكو وغوبا وأريد أن أشير إلى الدور الفريد للقرية اليهودية الشهيرة كراسنايا سلوبودا في منطقة غوبا في العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان. سنواصل العمل على تعزيز وتعميق العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان. قال علي حسنوف، مساعد رئيس أذربيجان في القضايا الاجتماعية والسياسية، إن الشراكة الإستراتيجية الإسرائيلية الأذربيجانية تخدم السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها.
اجتماعنا الأخير مع حكمت حاجييف
عقد اجتماعنا الأخير في عاصمة أذربيجان في باكو مع حكمت حاجييف، رئيس قسم السياسة الخارجية بالإدارة الرئاسية لأذربيجان.
أكد مع حكمت حاجييف على المكانة الفريدة لأذربيجان والأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين أذربيجان وإسرائيل.
وقال حكمت حاجيف، رئيس قسم السياسة الخارجية في الإدارة الرئاسية الأذربيجانية: "منذ استعادة استقلال دولة أذربيجان في عام 1991 ، أقامت أذربيجان علاقات خاصة مع إسرائيل. كانت إسرائيل إحدى أوائل الدول التي اعترفت باستقلالنا.
لدينا علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية وثقافية وتجارية مستقرة. هناك رحلات مباشرة، مما يؤكد العلاقات الدافئة والمستقرة بين بلدينا. أذربيجان عضو مسئول في المجتمع الدولي. أقول دائماً مازحاً إذا نظرت إلى الخريطة، فإن بلدنا يبدو كأنه طائر يطير من الغرب إلى الشرق. لذلك، إذا تمزق أحد الأجنحة، فلن يكون قادراً على الطيران. "لهذا السبب نقول إننا نحتاج إلى كلا الجناحين.
ينهي الخبير الإسرائيلي في العلاقات الدولية أريه غوت مقاله في صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية الصادرة بالإنجليزية بالكلمات التالية: "من الواضح أن العلاقات الإستراتيجية مع إسرائيل والحل العادل للنزاع الإقليمي مع أرمينيا هما من الأولويات لسياسة هذا الحليف الموثوق به والمهم لدولة إسرائيل في منطقة جنوب القوقاز"
كُتب هذا المقال بالتعاون مع جمعية الأمل من أجل المستقبل لليهود المهاجرين من أذربيجان والقوقاز.
الكاتب: أريه غوت
The Jerusalem Post
ترجمة من الروسية: د. ذاكر قاسموف
Zakir Qasimov
