أديان جديدة ومذاهب متنوعة سلام حربة

ثقافة 03:11 10.10.2017

تاريخ الأديان من تاريخ الإنسان.. لقد ظهرت الأديان منذ ظهور الإنسان على الأرض وقامت بتلبية الحاجات النفسية التي تدعم الإنسان في مواجهته لهذا الكون وتمدّه بالعون الروحي لمجابهة الأخطار المحدقة به.. لكل مجتمع دينه الخاص الذي يجترح منه شكل الإيمان بالخالق وطقوس العبادة ونوع العلاقة بين العبد والعبد، وبين العبد وربه، وحتى المجتمعات البسيطة في اطوار التاريخ الأولى والتي تعيش بمعزل عن الآخرين في بطون الصحارى أو أجواف الوديان، تمتلك أديانها الخاصة والتي غالباً ما تكون ابتكاراً إبداعياً لإنسان تلك المجتمعات يصوغها وفق طبيعته الجغرافية وشكل العادات وأنماط العيش والممارسات السحرية وثقافته التي ورثها عن آبائه وأجداده.

كما أن طبيعة هذا الدين تتشكل من جملة الظواهر الطبيعية التي يصادفها ومن الأخطار التي يواجهها يومياً والخوف من الموت وما وراء الحياة وجملة التصورات المشكّلة عن طبيعة الخلق وحدود الفرد وسلطة الرب الغائب والحاضر في الظواهر الطبيعية، فيكون معتقده الديني انعكاساً لحاجاته النفسية والروحية والجسدية وطارداً لمخاوفه يمنحه الثبات والقوة من أجل البقاء والديمومة وتغيير هذا العالم.. لا يوجد دين بقي على حاله من لحظة تشكله الأولى، بل إنه في عرضة دائمة للتبدل والتحول البنيوي بسبب المستجدات الاجتماعية ومصالح القوى السياسية المتنفذة وتغير الظروف الزمكانية، وما أن تمضي بضعة قرون على هذا الدين، نجده يظهر بأثواب وحلل جديدة تختلط أسفاره الأولى ويقينياته المطلقة بعقائد وطقوس وبتفسيرات دلالية جديدة تنسجم مع التحولات العصرية واختلاف الظروف الموضوعية ودخول شعوب وجموع بشرية جديدة اليها.

ظهور الدين في بقعة ما من العالم وتبلوره كعقيدة تفرضها الرغبات النفسية والروحية، باعتبار أن فكرة الدين نفسية بالأساس، والحاجات الاجتماعية والسياسية الملحة، هذا الظهور غالباً ما يكون بطابع حداثوي جديد وهو غالباً ما يكون ثورة، في زمانه، على الافكار والعقائد الخرافية والاسطورية وخطابه الأولي مبهراً ومقنعاً ولديه القدرة على التمثل وترصين الذات وتوحيدها مع الذات الخالقة العليا، ولذلك نجد أن المجتمعات تندفع بكل طاقتها من اجل امتلاك الدين وجعله هوية تكوينية فردية واجتماعية، لما يحمل من بشائر خلاص ونجاة ، والعمل من قبل الافراد والاقوام على هضم نصوصه المقدسة وممارسة طقوسه والتبشير بحقائقه بقوة، اديان المجتمعات الأرضية القديمة المختلفة لم تمت وبقيت كنصوص وافكار وطقوس قائمة حاول كهنتها، وبخاصة بعد ظهور الاديان السماوية، إذابتها في الدين الوافد السماوي الجديد وهي لم تدخل كنصوص مضافة، ولكنها أُقحمت كتآويل وتناصات على النص الالهي لتصبح، بعد زمن، حقائق هي أيضاً لا مجال لدحضها، وتبدو بتصاهرها الثقافي أدياناً جديدة تحمل في طياتها قصص الانسان القديم الخارق على الأرض وتعاليم السماء والهها الواحد، هذه الأديان الجديدة هي خليط من العبادات المتداخلة، هذا الأمر حصل عبر التاريخ البشري، حيث أن شعوباً لديها اديانها الخاصة صهرت ما فطرت عليه منذ نشأتها الأولى، وما وفد إليها من اديان وضعية قديمة كانت سائدة في الشرق الأوسط أو في جنوب شرق آسيا أو في اوربا أو في شبه القارة الهندية.

لا يوجد دين اليوم يحتفظ بلحظة نقاء نزوله الأولى، وإن وجد مثل هذا الدين في زمن ما، فإن الدراسات والبحوث الفقهية، خاصة إذا كان الفقهاء من قوم غير القوم الأصلي الذي وجد فيه هذا الدين، تعاملت مع نصوصه وفق ثقافتها وتربيتها الخاصة وطبيعة العقائد الدينية التي كانت تحملها، فنراها تضّمن النصوص الدينية دلالات ومعاني من خزين ثقافاتها وصورها الدينية الآيلة للانحسار، تخرجه عن رسالاته الأولى واسباب نزوله التاريخية ليكون بذلك ديناً عصرياً يحاول أن يرضي المؤمنين به من اقوامه الأصلية والأقوام الملتحقة به، وتظهر طقوس وعقائد ونزعات دينية ربما تخالف الطبيعة البنيوية لهذا الدين السماوي وتحرفه عن الرسالة التي يبشر بها والتي تحمل قي طياتها الخلاص من الشرك ومن وثنية ومعاصي الديانات الأخرى.. انفتاح المجتمعات على بعض في زمن العولمة من خلال الثورة العلمية التكنولوجية والتطور المذهل في عالم الاتصالات سواء ما يخص البث الصوري والأقمار الصناعية والقنوات الفضائية وارتباط البشر في حلقات التواصل الاجتماعي وتقنياتها المتعددة وسهولة الحصول على المعلومة، جعل من ثقافات العالم المختلفة في مواجهة بعض ومن الأديان في حوار وصراع دائمين.

لم يعد الايمان الحالي عند الفرد كالإيمان السابق، بل إنه تداخل مع ما يؤمن به الآخرون من الديانات المتعددة، وحتى التأويلات السابقة لنصوص أي دين اختلفت في الزمن الحديث، لأن الفقيه الباحث وعالم الدين والشيخ تنوعت مصادرهم الثقافية وتزحزحت قناعاتهم بسبب الكشوف العلمية والدراسات الجديدة في ما يخص الكون والإنسان واطوار خلقهما والتي ربما تتعارض مع اسفار الخلق الذي بشرت به الاديان كافة وبخاصة السماوية منها.. الاديان السماوية وخاصة الديانتين المسيحية والاسلامية، تعرضت الى كثير من الاختراقات من قبل الاديان الوضعية الأخرى وحتى الديانة اليهودية، المنغلقة على نفسها ولا يوجد تبشير لديها ولا تسمح الانتساب لغير القومية اليهودية، فقد نفذت إليها الافكار والأساطير والملاحم البابلية وقصص وحكايات الأقوام الشرقية ومآثر القادة والملوك والتي اصبحت فيما بعد، العمود الفقري لهذه الديانة .. في أزمنة الحروب والدعوات الدينية التوسعية وحملات التبشير، تم فرض الأديان السماوية على المجتمعات المُحتلة سواء بالترغيب أو الترهيب، لم ترم هذه المجتمعات التي كانت تؤمن بالديانات الأرضية السابقة اسلحتها وافكارها وعقائدها الدينية حين اقتحمت الديانات السماوية محاريبها بل حاولت تضمين، ما كانت تؤمن به وما تمارس من طقوس وما تحفظ كتبها الدينية من قصص واساطير وملاحم وسير ومواعظ واقوال مقدسة لخالقي هذه الاديان (بوذا ، زرادشت،كونفوشيوس، مردوخ ، و..و..)، ضمن الحياة الدينية الجديدة التي وفرتها الاديان السماوية، فظهرت الطقوس المتنوعة والعادات الدينية الغريبة وتشظت الأديان الى فرق ومذاهب وطوائف متعددة وكل واحد منها لا يلتقي مع الآخرين والخيوط الإيمانية فيما بينهما تكاد تكون واهنة وضعيفة، بل إن نقاط الاختلاف اكثر من الالتقاء، وهذا ما تسبب في الحروب الدينية والكراهية والعنف بين ابناء الشعب الواحد المختلف في ايمانه المذهبي والديني.

كل فرقة أو مذهب أو طائفة تعتقد بانها هي الحق والآخرون باطل، وحتى تحافظ هذه التفرعات الدينية على نفسها، حاولت أن تنغلق على ما تؤمن به وتديم طقوسها وشعائرها حتى يكتب لها الحياة والتواصل وتحولت في النهاية الى دين قائم بذاته له احداث نصيّة (مقدسة) وشروح واقوال وسنن فقهائه وعلمائه وشيوخه لا يربطه بالدين الالهي الأصلي سوى ما يديم وجودها ويمنح معتنقيها اليقين (الكاذب) بأنه خير من يمثل الدين السماوي.. البعث قائم في الديانات الوضعية من زرادشتية ومانوية واخناتونية وبوذية وكونفوشيوسية وهندوسية وتاوية وكل اديان الشعوب البدائية وطقوسهم ووثنياتهم وحكاياتهم واساطيرهم وفلسفاتهم وأوهامهم وخرافاتهم، ومن يبحث عنها سيجدها قد ضُمنت من جديد في مذاهب وفرق دينية متفرعة عن الديانات السماوية واشتبكت مع هذه الاديان واصبحت حقائقها الدينية (مقدسة) أيضاً يحتاج الباحث الى فرزها الى الكثير من الدرس والبحث والتنقيب.

من ينظر اليوم الى الاديان السماوية في نسخها الأولى سيجد أن هذه الاديان قد حُجبت بموانع وأغشية وفواصل وحوادث تاريخية ونصوص تلفيقية رسختها الفرق الدينية المتعددة، كل واحدة منها تعتبر نفسها ديناً حقيقياً حاملاً لرسالة السماء، وهي الدين الأصلي وصورته البهية وما الآخرون إلا كفرة وفرق ضالة لا يستحقون إلا الفناء والموت ونار جهنم.. الشعوب ومنذ قرون تؤمن بهذه الأديان الجديدة وتمارس طقوسها الغريبة الشاذة ولن يتبقى من الأديان الأصلية، بمرور الأزمان وتبدلات السياسة والمصالح في النهاية، إلا اسماؤها واسماء انبيائها ومصلحيها وتواريخ نزولها.

خبير عسكري : إذا توقفت عملية ترسيم الحدود...

أحدث الأخبار

أرمينيا تؤكد التزامها بالسلام الدائم والمستقر في القوقاز
13:00 18.05.2024
تشاد تحديات عديدة أمام ديبي بعد انتخابه رئيسا للبلاد
12:00 18.05.2024
بوتين يسعى إلى تعاون أكبر في مجال الطاقة مع الصين
11:00 18.05.2024
المركزي التركي يتوقع تراجع التضخم وسعر الصرف
10:00 18.05.2024
أردوغان يصدر عفواً صحياً عن جنرالات انقلاب 28 فبراير
09:00 18.05.2024
نضال سليم : سبب مشكلة الجفاف العالمية هي زيادة الطلب علي المياه
17:33 17.05.2024
ماذا يحدث في جنوب القوقاز؟
17:00 17.05.2024
خبير سياسي : الاتحاد الأوروبي يسعي إلي السيطرة علي المنطقة
16:00 17.05.2024
خبير سياسي : "الغرب يستخدم أرمينيا ضد روسيا"
13:00 17.05.2024
رئيس الوزراء السنغالي ينتقد تواجد القواعد العسكرية في بلاده
12:00 17.05.2024
كاليدونيا الجديدة... طوارئ ومطالب بالاستقلال عن فرنسا
11:46 17.05.2024
صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد العراقي 1.4 % في 2024 و5.3 % في 2025
11:30 17.05.2024
روسيا والصين تعملان معاً من أجل خلق نظام عالمي عادل
11:15 17.05.2024
حماس ترحب بإعلان قمة البحرين وتوجه دعوة للدول العربية
11:00 17.05.2024
بطريرك القدس للاتين يزور مدينة غزة
10:45 17.05.2024
الهند المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين
09:30 17.05.2024
الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية
09:15 17.05.2024
مصر ترفض مقترحاً إسرائيلياً حول معبر رفح
09:00 17.05.2024
دبي تعتمد استراتيجية جودة الحياة في الإمارة
18:00 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في جنوب القوقاز علي أذربيجان؟
17:26 16.05.2024
خبير سياسي : الإتحاد الأوروبي لن يساعد أرمينيا
16:00 16.05.2024
خبير سياسي : الغرب يسعي إشعال حرب بين جورجيا وروسيا
15:59 16.05.2024
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
انطلاق "قمة المناخ والمياه" في جامعة أضا
14:52 16.05.2024
ما تأثير الأحداث الجارية في دول الجوار علي أذربيجان؟ أومود ميرزايف يجيب
13:52 16.05.2024
فيسبوك تحذف منشورات عن لقاء رئيس وزراء ماليزيا وإسماعيل هنية
12:45 16.05.2024
فرنسا تنشر الجيش لضمان أمن مرافئ ومطار كاليدونيا الجديدة
12:30 16.05.2024
مخيمات غزة تعاني ظروفاً مهينة للإنسانية
12:15 16.05.2024
مصر تتسلم 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة
12:00 16.05.2024
مقتل 12 جندياً إسرائيلياً في عملية بمخيم جباليا
11:45 16.05.2024
طهران تعلن تسوية نصف القضايا العالقة مع الذرية الدولية
11:30 16.05.2024
زيلينسكي يلغي زيارته لأسبانيا والبرتغال بسبب تدهور الوضع في خاركيف
11:15 16.05.2024
فارض اسماعيل زاده: مشكلة المياه واحدة من أخطر المشاكل في أذربيجان
10:53 16.05.2024
الهند تقلّل من أهمية عقوبات واشنطن إثر اتفاقها لتطوير ميناء تشابهار الإيراني
10:30 16.05.2024
أردوغان إسرائيل قد تضع عينها على الأناضول بعد غزة
10:15 16.05.2024
العالم عند مفترق طرق
10:00 16.05.2024
الرئيس الفرنسي يعلن حالة الطورائ في كاليدونيا الجديدة
09:45 16.05.2024
الحكومة التركية تبذل قصارى جهدها لخفض معدل التضخم
09:30 16.05.2024
إطلاق نار على رئيس وزراء سلوفاكيا ونقله إلى المستشفى
09:15 16.05.2024
أردوغان يتهم حركة جولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة
09:00 16.05.2024
الأمم المتحدة تفتح تحقيقاً بمقتل أول موظف دولي في رفح
17:30 15.05.2024
جميع الأخبار